. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَوْلَادِ، وَإِلَّا فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَهُمْ عَصَبَتُهُ، وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ الذُّكُورُ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ وُلِدَ لِسَعْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ بَنِينَ، وَقِيلَ: أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ، وَمِنْ الْبَنَاتِ اثْنَتَا عَشْرَةَ بِنْتًا، وَقَوْلُهُ (أَفَأَتَصَدَّقُ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي تَنْجِيزِ ذَلِكَ فِي الْحَالِ أَوْ أَرَادَ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنَّهُ فِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ أُوصِي، وَهِيَ نَصٌّ فِي الثَّانِي فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ (بِشَطْرِ مَالِي) أَرَادَ بِهِ النِّصْفَ، وَقَوْلُهُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ يُرْوَى بِالْمُثَلَّثَةِ، وَبِالْمُوَحَّدَةِ عَلَى أَنَّهُ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمِثْلُهُ وَقَعَ فِي النَّسَائِيّ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ بِالْمُثَلَّثَةِ وَوَصْفُ الثُّلُثِ بِالْكَثْرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا دُونَهُ، وَفِي فَائِدَةِ وَصْفِهِ بِذَلِكَ احْتِمَالَانِ: الْأَوَّلُ بَيَانُ أَنَّ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، وَفَهِمَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: وَدِدْت أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ إلَى الرُّبْعِ فِي الْوَصِيَّةِ، وَالثَّانِي بَيَانُ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِالثُّلُثِ هُوَ الْأَكْمَلُ أَيْ كَثِيرٌ أَجْرُهُ، وَيَكُونُ مِنْ الْوَصْفِ بِحَالِ الْمُتَعَلِّقِ، وَفِي الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِمَنْ لَهُ وَارِثٌ، وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يُسْتَحَبُّ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ فَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ مَا دُونَ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ قَالَ قَتَادَةُ أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ بِالْخُمُسِ، وَأَوْصَى عُمَرُ بِالرُّبْعِ وَالْخُمْسُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الثُّلُثُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ جَعَلَ لَكُمْ فِي الْوَصِيَّةِ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ»، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِيمَنْ لَهُ وَارِثٌ فَأَمَّا مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهُ مِثْلُ مَنْ لَهُ وَارِثٌ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ، وَأَجَازَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ لَهُ الْوَصِيَّةَ بِالْمَالِ كُلِّهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَتْ لِإِسْقَاطِهِمْ حَقَّهُمْ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَخَالَفَتْ الظَّاهِرِيَّةُ وَالْمُزَنِيُّ، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ»، وَأَنَّهُ حَسَنٌ يُعْمَلُ بِهِ. نَعَمْ فَلَوْ رَجَعَ الْوَرَثَةُ عَنْ الْإِجَازَةِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَلَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَقِيلَ: إنْ رَجَعُوا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ حَالِ الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ يَتَجَدَّدُ لَهُمْ الْحَقُّ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّك إنْ تَذَرْ إلَى آخِرِهِ» هَلْ يُفْهَمُ مِنْهُ عِلَّةُ الْمَنْعِ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ رِعَايَةُ حَقِّ الْوَارِثِ، وَأَنَّهُ إذَا انْتَفَى ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالْمَنْعِ أَوْ أَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَتَعَدَّى الْحُكْمَ أَوْ يُجْعَلُ الْمُسْلِمُونَ بِمَنْزِلَةِ الْوَرَثَةِ كَمَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ مُتَعَدِّيَةٌ، وَأَنَّهُ يَنْتَفِي الْحُكْمُ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute