. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَبَاهُ فَقَالَ: هَذَا كَذِبٌ لَا أَصْلِ لَهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: بَاطِلٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: لَا يَصِحُّ. وَحَدَّثَ بِهِ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدٍ الرَّاوِي فَزَادَ فِيهِ بَعْدَ " أَوْ حَجَّامًا " " أَوْ دَبَّاغًا " فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ الدَّبَّاغُونَ وَهَمُّوا بِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. هَذَا مُنْكَرٌ مَوْضُوعٌ، وَلَهُ طُرُقٌ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ سَوَاءٌ فِي الْكَفَاءَةِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَأَنَّ الْمَوَالِيَ لَيْسُوا أَكْفَاءً لَهُمْ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُعْتَبَرِ مِنْ الْكَفَاءَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَاَلَّذِي يَقْوَى هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمَالِكٌ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ النَّاصِرِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الدِّينُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وَلِحَدِيثِ «النَّاسُ كُلُّهُمْ وَلَدُ آدَمَ، وَتَمَامُهُ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ فِيهِ لَفْظُ " كُلُّهُمْ «وَالنَّاسُ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ لَا فَضْلَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ إلَّا بِالتَّقْوَى» أَخْرَجَهُ ابْنُ لَالٍ بِلَفْظٍ قَرِيبٍ مِنْ لَفْظِ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إلَى نُصْرَةِ هَذَا الْقَوْلِ حَيْثُ قَالَ: بَابُ الْأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ وقَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا} الْآيَةَ فَاسْتَنْبَطَ مِنْ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ بَنِي آدَمَ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِإِنْكَاحِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ سَالِمٍ بِابْنَةِ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَسَالِمٌ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ «فَعَلَيْك بِذَاتِ الدِّينِ»، وَقَدْ خَطَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا الْجَاهِلِيَّةِ، وَتَكَبُّرَهَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ» فَجَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِالْتِفَاتَ إلَى الْأَنْسَابِ مِنْ عُبِّيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَكَبُّرِهَا فَكَيْفَ يَعْتَبِرُهَا الْمُؤْمِنُ، وَيَبْنِي عَلَيْهَا حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَفِي الْحَدِيثِ «أَرْبَعٌ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُهَا النَّاسُ. ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهَا الْفَخْرَ بِالْأَنْسَابِ» أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي الْأَحَادِيثِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فِي ذَمِّ الِالْتِفَاتِ إلَى التَّرَفُّعِ بِهَا، وَقَدْ «أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي بَيَاضَةَ بِإِنْكَاحِ أَبِي هِنْدٍ الْحَجَّامِ، وَقَالَ: إنَّمَا هُوَ امْرُؤٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» فَنَبَّهَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُقْتَضِي لِمُسَاوَاتِهِمْ، وَهُوَ الِاتِّفَاقُ فِي وَصْفِ الْإِسْلَامِ، وَلِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَجَائِبُ لَا تَدُورُ عَلَى دَلِيلٍ غَيْرِ الْكِبْرِيَاءِ وَالتَّرَفُّعِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَمْ حُرِمَتْ الْمُؤْمِنَاتُ النِّكَاحَ لِكِبْرِيَاءِ الْأَوْلِيَاءِ وَاسْتِعْظَامِهِمْ أَنْفُسَهُمْ اللَّهُمَّ إنَّا نَبْرَأُ إلَيْك مِنْ شَرْطٍ وَلَّدَهُ الْهَوَى، وَرَبَّاهُ الْكِبْرِيَاءُ، وَلَقَدْ مُنِعَتْ الْفَاطِمِيَّاتُ فِي جِهَةِ الْيَمَنِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُنَّ مِنْ النِّكَاحِ لِقَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ مَذْهَبِ الْهَادَوِيَّةِ إنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُ الْفَاطِمِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute