للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَشِينٌ مُعْجَمَةٌ. وَفَاطِمَةُ " قُرَشِيَّةٌ أَسْدِيَةٌ، وَهِيَ زَوْجُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ "، «إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ» مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ، وَهُوَ جَرَيَانُ الدَّمِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ [فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: لَا إنَّمَا ذَلِكِ] بِكَسْرِ الْكَافِ خِطَابٌ لِلْمُؤَنَّثِ [عِرْقٌ] بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَقَافٌ؛ وَفِي فَتْحِ الْبَارِي: أَنَّ هَذَا الْعِرْقَ يُسَمَّى الْعَاذِلَ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ، وَيُقَالُ عَاذِرٌ بِالرَّاءِ بَدَلًا عَنْ اللَّامِ، كَمَا فِي الْقَامُوسِ [وَلَيْسَ بِحَيْضٍ] فَإِنَّ الْحَيْضَ يَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ رَحِمِ الْمَرْأَةِ، فَهُوَ إخْبَارٌ بِاخْتِلَافِ الْمَخْرَجَيْنِ، وَهُوَ رَدٌّ لِقَوْلِهَا: لَا أَطْهُرُ؛ لِأَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَائِضِ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ، فَكُنْت بِعَدَمِ الطُّهْرِ عَنْ اتِّصَالِهِ، وَكَانَتْ قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ الْحَائِضَ لَا تُصَلِّي، فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مُقْتَرِنٌ بِجَرَيَانِ الدَّمِ، فَأَبَانَ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ، وَأَنَّهَا طَاهِرَةٌ يَلْزَمُهَا الصَّلَاةُ [فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُك] بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، وَالْمُرَادُ بِالْإِقْبَالِ ابْتِدَاءُ دَمِ الْحَيْضِ [فَدَعِي الصَّلَاةَ] يَتَضَمَّنُ نَهْيَ الْحَائِضِ عَنْ الصَّلَاةِ، وَتَحْرِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَفَسَادَ صَلَاتِهَا، وَهُوَ إجْمَاعٌ [وَإِذَا أَدْبَرَتْ] هُوَ ابْتِدَاءُ انْقِطَاعِهَا [فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ] أَيْ وَاغْتَسِلِي، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى [ثُمَّ صَلِّي] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَعَلَى أَنَّ لَهَا حُكْمًا يُخَالِفُ حُكْمَ الْحَيْضِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْمَلَ بَيَانٍ، فَإِنَّهُ أَفْتَاهَا بِأَنَّهَا لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ مَعَ جَرَيَانِ الدَّمِ، وَبِأَنَّهَا تَنْتَظِرُ وَقْتَ إقْبَالِ حَيْضَتِهَا فَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِيهَا، وَإِذَا أَدْبَرَتْ غَسَلَتْ الدَّمَ وَاغْتَسَلَتْ، كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ: [وَاغْتَسِلِي]. وَفِي بَعْضِهَا كَرِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى غَسْلِ الدَّمِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ الْأَمْرَانِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ: غَسْلُ الدَّمِ، وَالِاغْتِسَالُ، وَإِنَّمَا بَعْضُ الرُّوَاةِ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَالْآخَرُ عَلَى الْآخَرِ؛ ثُمَّ أَمَرَهَا بِالصَّلَاةِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ نَعَمْ وَإِنَّمَا بَقِيَ الْكَلَامُ فِي مَعْرِفَتِهَا لِإِقْبَالِ الْحَيْضِ مَعَ اسْتِمْرَارِ الدَّمِ بِمَاذَا يَكُونُ؟ فَإِنَّهُ قَدْ أَعْلَمَ الشَّارِعُ الْمُسْتَحَاضَةَ بِأَحْكَامِ إقْبَالِ الْحَيْضَةِ وَإِدْبَارِهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا تُمَيِّزُ ذَلِكَ بِعَلَامَةٍ.

وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:

(أَحَدُهُمَا): أَنَّهَا تُمَيِّزُ ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ إلَى عَادَتِهَا، فَإِقْبَالُهَا وُجُودُ الدَّمِ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْعَادَةِ؛ وَوَرَدَ الرَّدُّ إلَى أَيَّامِ الْعَادَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ " فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ: «دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْت تَحِيضِينَ فِيهَا» وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَيْضِ تَحْقِيقُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ.

(الثَّانِي):

تَرْجِعُ إلَى صِفَةِ الدَّمِ، كَمَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ " فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ " هَذِهِ بِلَفْظِ: «إنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي» وَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَيْضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَيَكُونُ إقْبَالُ الْحَيْضِ إقْبَالَ الصِّفَةِ وَإِدْبَارُهُ إدْبَارَهَا، وَيَأْتِي أَيْضًا الْأَمْرُ بِالرَّدِّ إلَى عَادَةِ النِّسَاءِ، وَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ جَمِيعًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>