. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عُسَيْلَتَهُ»، وَفِي رِوَايَةِ الْمُوَطَّإِ «أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَهُوَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتُرِيدِينَ - الْحَدِيثَ»، وَبِهَذَا يُعْرَفُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِقِصَّةِ رِفَاعَةَ فَإِنَّهَا لَمْ تَطْلُبْ الْفَسْخَ بَلْ فَهِمَ مِنْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ يُرَاجِعَهَا رِفَاعَةُ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَيْثُ لَمْ يُذَقْ عُسَيْلَتَهَا، وَلَا ذَاقَتْ عُسَيْلَتَهُ لَا يُحِلُّهَا لِرِفَاعَةِ، وَكَيْفَ يُحْمَلُ حَدِيثُهَا عَلَى طَلَبِهَا الْفَسْخَ، وَقَدْ أَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَطَلَّقَهَا فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَهُوَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَجَاءَتْ تَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَهَا بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ»، وَأَمَّا قِصَّةُ أَبِي رُكَانَةَ، وَهِيَ «أَنَّهُ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مُزَيْنَةَ فَجَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ مَا يُغْنِي عَنِّي إلَّا كَمَا تُغْنِي عَنِّي هَذِهِ الشَّعْرَةُ لِشَعْرَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ رَأْسِهَا فَفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَأَخَذَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمِيَّةٌ فَدَعَا أَبُو رُكَانَةَ وَإِخْوَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِجُلَسَائِهِ: أَتَرَوْنَ فُلَانًا يَعْنِي وَلَدًا لَهُ يُشْبِهُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ عَبْدِ يَزِيدَ، وَفُلَانًا لِابْنِهِ الْآخَرِ يُشْبِهُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا قَالُوا نَعَمْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ يَزِيدَ طَلِّقْهَا فَفَعَلَ» - الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأَصْلِ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَرَّفَ أَوْلَادَهُ بِالْقِيَافَةِ، وَسَأَلَ عَنْهَا أَصْحَابَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَنَّهُ عِنِّينٌ فَأَمَرَهُ بِالطَّلَاقِ إرْشَادًا إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ فِرَاقُهَا حَيْثُ طَلَبَتْ ذَلِكَ مِنْهُ لَا أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ اخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تُطَالِبُ الرَّجُلَ بِالْجِمَاعِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ يُؤَجَّلْ أَجَلَ الْعِنِّينِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إنْ تَرَكَ جِمَاعَهَا لِعِلَّةٍ أُجِّلَ لَهَا سَنَةً، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَلَا تَأْجِيلَ، وَقَالَ عِيَاضٌ اتَّفَقَ كَافَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ حَقًّا فِي الْجِمَاعِ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهَا إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَجْبُوبَ، وَالْمَمْسُوحَ جَاهِلَةً بِهِمَا، وَيُضْرَبُ لِلْعِنِّينِ أَجَلُ سَنَةٍ لِاخْتِبَارِ زَوَالِ مَا بِهِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَلَمْ يَسْتَدِلُّوا عَلَى مِقْدَارِ الْأَجَلِ بِالسَّنَةِ بِدَلِيلٍ نَاهِضٍ إنَّمَا يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ لِأَجْلِ أَنْ تَمُرَّ بِهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ فَيَتَبَيَّنَ حِينَئِذٍ حَالُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute