للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الزُّهْرِيُّ: الْعُلَمَاءُ أَرْبَعَةٌ ابْنُ الْمُسَيِّبِ بِالْمَدِينَةِ وَالشَّعْبِيُّ بِالْكُوفَةِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِالْبَصْرَةِ وَمَكْحُولٌ بِالشَّامِ وُلِدَ الشَّعْبِيِّ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ كَمَا فِي الْكَاشِفِ لِلذَّهَبِيِّ وَقِيلَ: لِسِتٍّ خَلَتْ مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَيْسَ لَهَا سُكْنَى، وَلَا نَفَقَةٌ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ، وَلَا سُكْنَى. وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ.

ذَهَبَ إلَى مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَأَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَالْقَاسِمُ وَالْإِمَامِيَّةُ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابُهُ وَدَاوُد وَكَافَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مُسْتَدِلِّينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

وَذَهَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَنَفِيَّة وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ إلَى أَنَّهَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مُسْتَدِلِّينَ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، وَهَذَا فِي الْحَامِلِ وَبِالْإِجْمَاعِ فِي الرَّجْعِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ النَّفَقَةُ. وَعَلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ}.

وَذَهَبَ الْهَادِي وَآخَرُونَ إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ دُونَ السُّكْنَى مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} وَلِأَنَّهَا حُبِسَتْ بِسَبَبِهِ كَالرَّجْعِيَّةِ، وَلَا يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ {مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ يَكُونُ الزَّوْجُ، وَهُوَ يَقْتَضِي الِاخْتِلَاطَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي حَقِّ الرَّجْعِيَّةِ.

قَالُوا وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَدْ طُعِنَ فِيهِ بِمَطَاعِنَ يَضْعُفُ مَعَهَا الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَحَاصِلُهَا أَرْبَعَةُ مَطَاعِنَ: الْأَوَّلُ كَوْنُ الرَّاوِي امْرَأَةً وَلَمْ تَقْتَرِنْ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ يُتَابِعَانِهَا عَلَى حَدِيثِهَا.

الثَّانِي أَنَّ الرِّوَايَةَ تُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ.

الثَّالِثُ أَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ الْمَنْزِلِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي السُّكْنَى بَلْ لِإِيذَائِهَا أَهْلَ زَوْجِهَا بِلِسَانِهَا.

الرَّابِعُ مُعَارَضَةُ رِوَايَتِهَا بِرِوَايَةِ عُمَرَ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَ الرَّاوِي امْرَأَةً غَيْرُ قَادِحٍ فَكَمْ مِنْ سُنَنٍ ثَبَتَتْ عَنْ النِّسَاءِ يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ عَرَفَ السِّيَرَ وَأَسَانِيدَ الصَّحَابَةِ.

وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لَا نَتْرُكُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ أَمْ نَسِيَتْ، فَهَذَا تَرَدُّدٌ مِنْهُ فِي حِفْظِهَا وَإِلَّا، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ عِدَّةُ أَخْبَارٍ وَتَرَدُّدُهُ فِي حِفْظِهَا عُذْرٌ لَهُ فِي عَدَمِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يَكُونُ شَكُّهُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ}، فَإِنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ بِحَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى التَّخْصِيصِ لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ عُمَرَ فَأَرَادُوا بِهَا قَوْلَهُ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا، وَقَدْ عُرِفَ مِنْ عُلُومِ الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>