. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَدِيمًا، وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّائِفَ، وَأَصَابَهُ سَهْمٌ، انْتَقَضَ عَلَيْهِ بَعْدَ سِنِينَ، فَمَاتَ مِنْهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُوهُ [أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ]. هُوَ عَمْرُو بْنُ حَزْمِ بْنِ زَيْدٍ " الْخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، يُكَنَّى أَبَا الضَّحَّاكِ "، أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ الْخَنْدَقُ. وَاسْتَعْمَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَجْرَانَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، لِيُفَقِّهَهُمْ فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمَهُمْ الْقُرْآنَ، وَيَأْخُذَ صَدَقَاتِهِمْ، وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ، وَالصَّدَقَاتُ وَالدِّيَاتُ، وَتُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ " فِي خِلَافَةِ عُمَرَ " بِالْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ. أَنْ «لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ» رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلًا؛ وَوَصَلَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَهُوَ مَعْلُولٌ، حَقِيقَةُ الْمَعْلُولِ الْحَدِيثُ الَّذِي يَطَّلِعُ عَلَى الْوَهْمِ فِيهِ الْقَرَائِنُ وَجَمْعُ الطُّرُقِ، فَيُقَالُ لَهُ؛ مُعَلَّلٌ، وَالْأَجْوَدُ أَنْ يُقَالَ الْمُعَلُّ، مِنْ: أَعَلَّهُ، وَالْعِلَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ أَسْبَابٍ خَفِيَّةٍ غَامِضَةٍ طَرَأَتْ عَلَى الْحَدِيثِ، فَأَثَّرَتْ فِيهِ، وَقَدَحَتْ؛ وَهُوَ أَغْمَضُ أَنْوَاعِ عُلُومِ الْحَدِيثِ وَأَدَقُّهَا، وَلَا يَقُومُ بِذَلِكَ إلَّا مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ فَهْمًا ثَاقِبًا، وَحِفْظًا وَاسِعًا، وَمَعْرِفَةً تَامَّةً بِمَرَاتِبِ الرُّوَاةِ، وَمَلَكَةً قَوِيَّةً بِالْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ، وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعْلُولٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد " وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْيَمَامِيُّ "، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْخَوْلَانِيُّ " وَهُوَ ثِقَةٌ، أَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ، وَالْيَمَامِيُّ " هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَى ضَعْفِهِ. وَكِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ " تَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالْقَبُولِ؛ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّهُ أَشْبَهَ الْمُتَوَاتِرَ لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالْقَبُولِ؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ لَا أَعْلَمُ كِتَابًا أَصَحَّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّابِعِينَ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ، وَيَدْعُونَ رَأْيَهُمْ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: قَدْ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ " وَإِمَامُ عَصْرِهِ الزُّهْرِيُّ، بِالصِّحَّةِ لِهَذَا الْكِتَابِ.
وَفِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ» وَإِنْ كَانَ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ "، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ» قَالَ الْهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ، وَذَكَرَ لَهُ شَاهِدَيْنِ، وَلَكِنَّهُ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْمُرَادِ مِنْ الطَّاهِرِ، فَإِنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى الطَّاهِرِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالطَّاهِرِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمُؤْمِنِ، وَعَلَى مَنْ لَيْسَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، وَلَا بُدَّ لِحَمْلِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ قَرِينَةٍ؛ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} فَالْأَوْضَحُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْكِتَابِ الْمَكْنُونِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي صَدْرِ الْآيَةِ، وَأَنَّ الْمُطَهَّرُونَ هُمْ الْمَلَائِكَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute