١٠٨٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَالَ «وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ خَالَتِهَا، فَإِنَّ الْخَالَةَ وَالِدَةٌ».
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ الْحِضَانَةِ لِلْخَالَةِ، وَأَنَّهَا كَالْأُمِّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْخَالَةَ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ وَمِنْ أُمِّ الْأُمِّ وَلَكِنْ خَصَّ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ حِضَانَةَ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْلَى مِنْ الرِّجَالِ، فَإِنَّ عَصَبَةَ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الرِّجَالِ مَوْجُودُونَ طَالِبُونَ لِلْحِضَانَةِ كَمَا دَلَّتْ لَهُ الْقِصَّةُ وَاخْتِصَامُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَعْفَرٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَقَدْ سَبَقَتْ، وَأَنَّهُ قَضَى بِهَا لِلْخَالَةِ، وَقَالَ الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ، وَقَدْ وَرَدَتْ رِوَايَةٌ فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ فَاسْتَشْكَلَ الْقَضَاءُ بِهَا لِجَعْفَرٍ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مَحْرَمًا، وَهُوَ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سَوَاءٌ فِي الْقَرَابَةِ لَهَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهَا لِزَوْجَةِ جَعْفَرٍ وَهِيَ خَالَتُهَا، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ جَعْفَرٍ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُنَازِعُ جَعْفَرًا، وَقَالَ فِي مَحَلِّ الْخُصُومَةِ: بِنْتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي أَيْ زَوْجَتِي قَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ لَمَّا كَانَ هُوَ الْمُطَالِبَ ظَاهِرًا، وَقَالَ: " الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ " إبَانَةً بِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْخَالَةِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ قَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ قَضَى بِهَا لِزَوْجَةِ جَعْفَرٍ، وَإِنَّمَا أَوْقَعَ الْقَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُطَالِبُ، فَلَا إشْكَالَ فِي هَذَا وَإِلَّا أَنَّهُ اسْتَشْكَلَ ثَانِيًا بِأَنَّ الْخَالَةَ مُزَوَّجَةٌ، وَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْحِضَانَةِ لِحَدِيثِ «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي».
وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْمُزَوَّجَةِ لِلزَّوْجِ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ حِضَانَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَشْتَغِلُ بِالْقِيَامِ بِحَقِّهِ وَخِدْمَتِهِ، فَإِذَا رَضِيَ الزَّوْجُ بِأَنَّهَا تَحْضُنُ مَنْ لَهَا حَقٌّ فِي حِضَانَتِهِ وَأَحَبَّ بَقَاءَ الطِّفْلِ فِي حِجْرِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَرْأَةِ مِنْ الْحِضَانَةِ، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ دَلِيلُ الْحُكْمِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَالْإِمَامِ يَحْيَى وَابْنِ حَزْمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لِلْمَرْأَةِ إنَّمَا يُسْقِطُ حِضَانَةَ الْأُمِّ وَحْدَهَا حَيْثُ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهَا الْأَبَ. وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْحِضَانَةِ بِالتَّزْوِيجِ، أَوْ الْأُمُّ وَالْمُنَازِعُ لَهَا غَيْرُ الْأَبِ يُؤَيِّدُهُ مَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُطَلَّقَةَ يَشْتَدُّ بُغْضُهَا لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ وَمَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَقَدْ يَبْلُغُ بِهَا الشَّأْنُ إلَى إهْمَالِ وَلَدِهَا مِنْهُ قَصْدًا لِإِغَاظَتِهِ وَتُبَالِغُ فِي التَّحَبُّبِ عِنْدَ الزَّوْجِ الثَّانِي بِتَوْفِيرِ حَقِّهِ وَبِهَذَا يَجْتَمِعُ شَمْلُ الْأَحَادِيثِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ، وَأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ لِلْعَصَبَةِ حَقًّا فِي الْحِضَانَةِ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ وَعَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَالَةُ أُمٌّ صَرِيحٌ أَنَّ ذَلِكَ عِلَّةُ الْقَضَاءِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأُمَّ لَا تُنَازَعُ فِي حِضَانَةِ وَلَدِهَا، فَلَا حَقَّ لِغَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute