١٠٩٠ - وَعَنْ «أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْت لِعَلِيٍّ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ الْوَحْيِ غَيْرَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لَا وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قُلْت: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ وَفِكَاكُ
الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَارُودِ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّهُ مُضْطَرِبٌ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلًا، وَهَذَا حَدِيثٌ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى. وَفِي إسْنَادِهِ عِنْدَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَوَجْهُ الِاضْطِرَابِ أَنَّهُ اخْتَلَفَ عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَقِيلَ: عَنْ عَمْرٍو وَهِيَ رِوَايَةُ الْكِتَابِ وَقِيلَ: عَنْ سُرَاقَةَ وَقِيلَ: بِلَا وَاسِطَةٍ. وَفِيهَا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: طُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهَا مُنْقَطِعَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ لَا يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَفِظْت عَنْ عَدَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَقِيتُهُمْ أَنْ لَا يُقْتَلَ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَبِذَلِكَ أَقُولُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ كَالْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ مُطْلَقًا لِلْحَدِيثِ قَالُوا: لِأَنَّ الْأَبَ سَبَبٌ لِوُجُودِ الْوَلَدِ، فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ سَبَبًا لِإِعْدَامِهِ.
وَذَهَبَ الْبَتِّيُّ إلَى أَنَّهُ يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ مُطْلَقًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِالْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهُ يُقَادُ بِالْوَلَدِ إذَا أَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ. قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ عَمْدٌ حَقِيقَةً لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِي مِثْلِ اسْتِعْمَالِ الْجَارِحِ فِي الْمَقْتَلِ هُوَ قَصْدُ الْعَمْدِ وَالْعَمْدِيَّةُ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُحْكَمُ بِإِثْبَاتِهَا إلَّا بِمَا يَظْهَرُ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ فِيمَا يُحْتَمَلُ عَدَمُ إزْهَاقِ الرُّوحِ بَلْ قَصْدُ التَّأْدِيبِ مِنْ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ يُحْكَمُ فِيهِ بِالْعَمْدِ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ لِمَا لِلْأَبِ مِنْ الشَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ وَغَلَبَةِ قَصْدِ التَّأْدِيبِ عِنْدَ فِعْلِهِ مَا يُغْضِبُ الْأَبَ فَيُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ قَصْدِ الْقَتْلِ، وَهَذَا رَأْيٌ مِنْهُ: وَإِنْ ثَبَتَ النَّصُّ لَمْ يُقَاوِمْهُ شَيْءٌ، وَقَدْ قَضَى بِهِ عُمَرُ فِي قِصَّةِ الْمُدْلِجِيِّ وَأَلْزَمَ الْأَبَ الدِّيَةَ وَلَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ، فَلَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ إجْمَاعًا، وَلَا مِنْ غَيْرِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْجَدُّ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ عِنْدَهُمْ فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute