والسبب أن الشاعر قطع الكلمة - وهي ثقيلة - عن الإضافة على العكس من كلمة " مقاعد " فإن عيبها جاء من إضافتها.
ولو أضافها لخفف من ثقلها.
وقد جاءت في القرآن في مواضع هي فيها حسنة رائقة.
وذلك في قوله تعالى: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) .
لذلك كانت هذه الكلمة. - هنا - أجمل منها في بيت المتنبي.
والحكم في ذلك للأذن الموسيقية ".
فالقرآن - كما ترى - استعمل الكلمة واقعة على مفعول " النبي " فخفت
ورشقت وهي في قول المتنبي مقطوعة عن الإضافة.
ومن ذلك كلمة " ضيزىَ "، وهي أغرب ما في اللغة من كلمات. بله القرآن.
ولقبح هذه الكلمة لم يستعملها عريى فيما وصل إلينا من أقوالهم وأشعارهم.
ومع ذلك فإنك تجد لها من الحسن في القرآن أضعاف ما ترى لها من القبح
والغرابة في غيره.
قال تعالى في سورة النجم موبخاً أهل الشرك: (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) . .
" ولحسن هذه الكلمات في هذا الموضع عدة اعتبارات:
١ - أن السورة التي وردت فيها فاصلة لإحدى آيها الفية الفواصل،
فجاءت الكلمة ذات نغم صوتى ملتئم. مع فواصل الآي الأخرى.
ولو وضع موضعها " جائرة " وهي قسيمتها في الدلالة لجارت على الموضع وفاتت المناسبة وحسن الجوار. فجيء بها - أي ضيزى - لذلك الالتئام والتناسق الصوتى الذي لا يخفى أثره.