ولكل من هذه الفروق دواع ومقتضيات يطول بنا الحديث لو تتبعناها.
على أن هناك فروقاً دقيقة بين الألفاظ المتقابلة في هذه المواضع.
نضرب مثلاً بواحد منها.
فقدجاء فى البقرة: (. . فَمَن تَبِعَ هُدَايَ) .
وجاء فى طه: (فَمَن اتبَعَ هُدَايَ) .
الفعل " تبع " مخفف في البقرة ومُشدد في طه.
يقول جماعة: " إن تشديد الاتباع لسبق التصريح بمعصية آدم.
وقد سبقه أيضاً الاتباع مشدداً في نفس السورة في قوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ) ، وفى توجيه التشديد وعدمه آراء أخَر لعَل هذَا أقواها.
وتوجيه آخر أراه حرياً بالقبول، هو أن القرآن في مكة كان يتجه كثيراً نحو
القوة والعنف لغلظة القوم وتماديهم في الضلال. بخلاف المدني الذي كان يميل
إلى الهدوء والشرح والتفصيل.
هذه آخر مرحلة يتحدث عنها العهد المكي - مرحلة الهبوط من الجنة
والاستقرار في الأرض - وقد اشترك العهد المدني معه في بيان هذه المراحل مع
الفروق التي لحظناها بين النصوص جميعاً.
لكن بقى هناك شيء هام. وهام جداً لم ترد إليه إشارة واحدة في العهد
المكي، وإنما استأثر به العهد المدني. شيء هام تكاد حكاية القصة في المدينة
تختلف به عن حكايتها في مكة اختلافا أساسياً. أن العهد المدني قد أضاف
جديداً إلى هذه القصة. . فما هو ذلك الجديد؟