للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي لا يريدون عليه جزاءً ولا شكوراً.

ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى بعده: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩) .

أي أنهم يطعمَونهم مخَلصيَن العَمل للهَ.

وقال سبحانه: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) .

والشاهد في هذه الآية: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) .

فإن الله سبحانه - لما بيَّن لرسوله نوعي الآيات المنزلة عليه:

نوع واضح فى الدلالة لا يُختلف فيه، ونوع محتمل لعدة وجوه. .

لما بيَّن له ذلك قال: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) . . ثم قال: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) .

والعلماء في تفسير هذا لهم وجهان:

الأول: أن الواو للعطف. والمعنى عليه: أن تأويل المتشابه شركة بين الله

وبين " الراسخين " في العلم.

فهم يعلمونه بإلهام منه سبحانه، وعليه أيضاً فإن

موضع الجملة بعدها: " يقولون " استئنافية، أو هي حال من الراسخين ".

الثاني: أن الواو استئنافية. فهى ليست عاطفة.

والمتشابه هو الذي استأثر الله وحده بعلمه دون سواه.

وعلى هذا فإن موضع الجملة " يقولون " خبر " الراسخون " وهذا الرأي -

فيما يبدو - أقوى من السابق، لخلوه من الاعتراض لأن الأول اعترض عليه

بعضهم فقال: " كيف يجوز في اللغة أن يعلم الراسخون، والله يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>