(وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) وإذا أشركهم في العلم انقطعوا
عن قوله " يقولَون " لَأنه ليس هنا عطفَ حتى يوجب للراسخين فعلين".
ولهذا حاول بعض العلماء الرد فقالوا: إن " يقولون " هنا في موضع الحال.
كأنه قال: " والراسخون في العلم قائلين: آمنا به ". .
كما قال الشاعر:
الرِّيحُ تَبْكِى شَجْوَها. . . والبَرْقُ يَلمَعُ فِى غمَامِهْ
أى لامعاً.
وقيل: المعنى: " يعلمون ويقولون " فحذف واو العطف كقوله:
(وُجُوهٌ يَوْمَئذ نَاضرَةٌ)
والمعنى: يقولون: علمنا وآمنا. لأن الإيمان قبل العلم محال.
إذَ لا يتصور الإيمان مع الجهل: وأيضاً لو لم يعلموها لما كانوا من
الراسخين، ولم يقع الفرق بينهم وبين الجهال
وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١) .
نسوق هذه الآية دليلاً من نوع آخر على ما تحتمله القيود من وجوه فى
الإعراب، يتبعها اختلاف في المعنى.
قال صاحب الكشاف:
" تلقون ": فإن قلت: بِمَ يتعلق؟
يجوز أن يتعلق ب " لا تتخذوا " حالاً من ضميره وبـ " أولياء " صفة له ويجوز أن يكون استئنافاً.
والباء في " بالمودة " إما زائدة مؤكدة للتعدي مثلها في:
(وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وإما ثابتة على أن مفعول: