٤ - إرشاد للنبى عليه الصلاة والسلام، يبيِّن له حدود وظيفته، ويحثه على
المضي في الدعوة غير آبهٍ بكفر مَنْ كفر، ولا إعراض مَنْ أعرض.
٥ - خاتمة فيها للنبى تسلية. وللمكذبين وعيد شديد. لو تدبروه لكفوا عما
هم فيه ولدخلوا في زُمرة المهتدين.
هذه أغراض خمسة رئيسية اشتملت عليها السورة الواعظة منذرة ومبشرة
ومرشدة.
والمتأمل يدرك في وضوح أن علاقة العنصر الثاني بجزئيه - عقاب العصاة،
وإثابة المصدِّقين - بالمقدمة القصيرة المثيرة هي علاقة الجواب بالسؤال لأن هذا
الاستفهام: (هَلْ أتَاكَ حَديثُ الغَاشيَة) ؟ يلزمه سؤال من النبي عليه
السلام. فكأنه قال: لا. لم يأَتني. فكان الجواب: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) .
وهذا هو الجزء الأول من العنصر الثاني.
أما الجزء الثاني فهو: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (١٢) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦) .
وبهذا استوفى الحديث أركانه: سؤال وجواب عن أهل النار، أو كالسؤال
والجواب.
ويلاحظ الباحث أن الجزء الثاني - وهو الحديث عن أهل الإيمان - لم يعطف
عن نظيره المقدم عليه. وهو الحديث عن أهل الكفر.
وكان من حقه أن يعطف عليه لأنه قسيمه.
فلماذا إذن قدم الحديث عن أهل النار. وأخر الحديث عن أهل الجنة ولم
يعطف اللاحق على السابق؟ سؤال هام.