ثانيهما: أن ذكر المبتدأ - هنا - يؤدى إلى نوع من الثقل اللفظي حيث
يصبح التركيب: " فيه هو هدى " لاجتماع ثلاثة هاءات لم يفصل بينها إلا
حرف واحد، والهاء من حروف الحلق، وحروف الحلق معروفة بالثقل.
هذا ما أراه.
وأرى في الوقت نفسه أن هذين الاعتبارين أولى مما ذهب إليه
الدكتور أحمد أحمد بدوي من أن سر الحذف فيه خشية أن يبعث في النفس
السآمة والملل لشدة وضوحه.
ويحذف المبتدأ - كذلك - إذا وقع في سياق تقدم ذكره فيه.
فتكون إعادته تكراراً لم تدع إليه حاجة.
وأمثلة ذلك كثيرة كقوله تعالى: (إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (٩)
وقوله تعالى: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) .
وقوله تعالى: (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١) .
وقوله تعالى: (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) .
وتقدير النظم في الآية الأولى: " وهو رب الشرق ". . وفي الثانية: " هى
لا تبقى ". . " هي لواحة ". . وهكذا بقية النصوص.
وليس مجرد قوة الظهور هي السر في هذا الحذف.
إذ لنا في المثال الأول: " هو رب " أن نقول: إن الخبر المذكور لا يصح إسناده إلا لضميره. لأنه ليس للمشرق والمغرب رب سواه وحذف المبتدأ محقق لتكثير الفائدة. إذ يجوز تقدير