على أن في القرآن أمثلة أخرى لم يذكرها السيوطي.
وأكثر ما يكون ذلك فى أسماء المصادر مثل قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) .
والأصل: إنباتاً.
ولعل السر في العدول عن الأصل أمران:
الأول: لفظي وهو التخلص من كسرين يؤديان إلى نوع ما من الثقل إذا قارنا بين الصورتين: الأصلية، والتي عليها التعبير. لأن " الضاد " من أرض
مكسورة كما أن " الهمزة " من المصدر - وهي أول حرف فيه - مكسورة.
الثاني: معنوي لأن المصدر " إنباتاً " يدل على مجرد الحَدَث. أما اسمه
" نباتاً " فيدل على صورة النبات بعد خلقه وترعرعه. فضلاً عن دلالته على
الحَدث. ولا شك أن ما دل على معنيين أولى مما دل على معنى واحد.
والمقام هنا يقتضي ذلك لأنه بيان لقُدرة الله سبحانه.
وقد جيء بالمصدرالأصلى في قوله تعالى: (ثُمَّ يُعِيدكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ
إخْرَاجاً) والمقام واحد.
فلماذا إذن خولف نسق الآية الثانية عن نسق الأولى؟
والجواب من وجهين:
أولاً: لأن ما أطلقنا عليه " ثقل لفظي " في الأولى لو جيء بالأصل.
زال هنا في هذه الآية لسكون ما قبل همزة المصدر المكسورة.
ثانياً: لأنه لو قال: " خروجاً " بدل (إخراجاً ". والخروج مصدر خرخ
اللازم لأشعر ذلك - ولو في الوهم - أن الناس مختارون لخروجهم من المقابر
خارجون بقدرتهم.
وهذا الفهم لا يستقيم مع المقام.
وإنما لم يراع هذا الوجه فى الأولى لأن النبات
لا تُتصور له إرادة محضة.
ومنه كذلك حذف الياء من قوله