الثالث - الاحتباك:
وهو أن يحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، ومن الثاني ما ثبت نظيره فى
الأول.
ويطلق عليه الزركشي: " الحذف المقابلي " فيقول: " هو أن يجتمع في الكلام
متقابلان. فيحذف من كل واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه ".
ومبنى هذه التسمية من الحبك. وهو الشد والإحكام وتحسين أثر الصنعة فى
الثوب، فحبك الثوب شد ما بين خيوطه بحيث يمنع عنه الخلل وأصله من
قولهم: " بعير محبوك العرى: أي محكمها، والاحتباك شد الإزار.
فكأن هذا النوع من الحذف يُكسب الكلام قوة وزينة.
القوة من حيث استيفاء الأقسام، والزينة من حيث الحذف المتناظر.
ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى:
(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٧١) .
والتقدير: ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق. والذي ينعق به.
فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذي ينعق عليه.
ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة الذين كفروا عليه.
ومن أمثلته قوله تعالى: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) .
والتقدير: تدخل غير بيضاء. وأخرجها تخرج بيضاء.
فحذف من الأول: تدخل بيضاء ومن الثاني: وأخرجها.
ومنه قوله تعالى: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) .