للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عارض الزمخشري - كما نقل عنه صاحب المطول - على اعتبار هذا

النوع من التقديم فقال: " إنما يقال مقدم ومؤخر للمزال لا للقار في مكانه "

ورد هذا الاعتراض بأن المراد بتقديمه الإتيان به مقدماً.

وهذا التقسيم نص عليه عبد القاهر في الدلائل وتابعه البلاغيون من

بعده.

والحق أن الزمخشري له دليل قوى فيما تمسك به. وإن كان يؤخذ عليه

ما أجاب به البلاغيون، لأنه اعتبار دقيق ما كان ليفوت الزمخشري وهو من

أبرز ذوَّاقي الأساليب.

أما موضوعات التقديم. فهى لا تخرج - عندهم - عن الأحوال الآتية:

١ - تقديم المسند إليه، وهو - هنا - خصوص المبتدأ.

أما نظيره " الفاعل " فليس له نصيب في هذا البحث، لأنه لو قُدم على فعله لأصبح مبتدأ وزال عنه معنى الفاعلية وتحولت إلى ضميره.

ويصبح التركيب - حينئذ - أصيلاً لا تقديم ولا تأخير فيه.

٢ - تقديم المسند، وهو - هنا - خصوص الخبر غير الفعلي.

لأن الخبر الفعلي لو قُدم لصار المبتدأ فاعلاً، ولحصلنا على نمط من التركيب مغاير تماماً لما حُوَل عنه.

فمثل: الصدق ينفع، لو قدمنا فيه الخبر - وهو فعلي - لأصبح

التركيب: ينفع الصدق. ولما بان - إذن - أن في الكلام تقديماً.

٣ - تقديم المتعلقات على عواملها، أو تقديم بعضها على بعض، كالمفعول

به على الفعل وكالظرف والجار والمجرور، وكالحال والتمييز، وكتقديم التوابع بعضها على بعض. عند هذا الحد تقف بحوث البلاغيين في التقديم، وقد كشفوا عن أسراره فيها وتباينت وجهات نظرهم في بعض الفروع.

<<  <  ج: ص:  >  >>