ويبدو أن السيوطي كان مأخوذاً بهذا النوع من التقديم، لأنا نراه يقول معقباً
عليه: " وهذا جدير أن يُفرد بالتصنيف ".
والذي يأخذه الباحث عليهم في هذا القسم، أنهم يكتفون ببيان ما في العبارة
من تقديم، ولم يذكروا وجه وسر ذلك التقديم، ولماذا خولف فيه الأصل. فمثلاً قوله تعالى: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) قالوا: إن فيها تقديماً
وتأخيراً. . وهذا صحيح على بعض الآراء.
لكنهم لم يبينوا لماذا قدمت التوفية على الرفع؟
ويمكن التوصل إليه.
والذي أراه أن السر في ذلك: هو أن الرفع إلى الله لما كان موهماً لانتفاء
حلول الموت بعيسى عليه السلام لو قُدِّم على التوفية.
أراد الله أن يقطع ذلك الوهم ابتداءً فقدم التوفية على الرفع.
دفعاً لذلك الوهم،
والقسم الثاني عند السيوطي عرَّفه بقوله: ما ليس كذلك ثم أشار إلى
أن العلامة شمس الدين بن الصائغ الحنفي وضع فيه كتاباً سماه " المقدمة
فى أسرار الألفاظ المقدمة " وقال في مقدمته: " إن الحكمة الشائعة الذائعة
فى ذلك الاهتمام - أي في التقديم - كما قال سيبوبه في كتابه: كأنهم
يقدمون الذي بيانه أهم، وهم ببيانه أعنى. وهذه الحكمة إجمالية.
وأما أسباب التقديم وأسراره فقد ظهر لي منها في الكتاب العزيز عشرة أنواع ".
إذن فما هي تلك الأسباب كما يراها ابن الصائغ؟