والجواب:
أولاً: أنه يجمع بين طريقتى ابن الصائغ والبلاغيين فهو حين يوجه تقديم حياة
الأرض على حياة الأنعام والناس.
وحين يوجه تقديم الظالم لنفسه على المقتصد.
وحين يوجه تقديم العبادة على الاستعانة. حين يوجه هذا كله وما كان على
شاكلته مما ليس بمسند إليه ولا بمسند. فإنه ينهج نهج ابن الصائغ.
وحين يتلمس أسباب تقديم المفعول والظرف والحال والاستثناء. . والخبر. حين يوجه هذا كله فإنه ينهج نهج البلاغيين مع ولوعه بكثرة التقسيمات والتنويعات كما مرت بنا في دراسة منهجه.
ثانياً: أنه يميل إلى التطرف - كثيراً - ومخالفة ما عليه الإجماع.
كإخضاعه أنواعاً شتى من التقديم لحسن النظم، نافياً عنه إفادة الاختصاص مع أنه في الواقع مفيد للاختصاص.
ثالثاً: أنه يهتم بالنصوص القرآنية. ويتخذ منها المورد الأولى في مثلة مبيِّناً
ما فيها من وجوه الجمال الفني، والحُسن اللفظي.
رابعاً: أنه يجمع إلى العلم العقل الذكي، والذوق الحساس، فهو لذلك كان
ناقداً طويل الباع، صائب الحكم في أكثر قضاياه التي تعرض لها.
ومنهجه مجد إلى حد كبير في فهم أسرار التقديم في القرآن الكريم.
* * *
ْرابعاً: منهج المفسرين في التقديم
قد تكون الفروق دقيقة بين ما نسميه بمنهج المفسرين، وبين الطرق الثلاث
المتقدمة - طريقة ابن الصائغ وطريقة البلاغيين وطريقة ابن الأثير - والذى
دعانى إلى أن أفرد بحثاً خاصاً تحت هذا العنوان " منهج المفسرين " أنى رأيت
المفسرين أنفسهم قد تمرسوا هذا الفن حين تصديهم دشرح كتاب الله وإيضاح معانيه، وبيان مظاهر الجمال والإعجاز فيه.