المجال وتكاد تتفق تحليلاته البلاغية للنصوص مع ما انتهى إليه الرأي عند
المتأخرين من علماء البلاغة.
انظر إليه يقول: " العرب تستعير الكلمة إذا كان المسمى بها بسبب من
الأخرى، أو مجاوراً له، أو مشاكلاً: فيقال للنبات: " نوء "، لأنه يكون
من النوء عندهم. . ويقولون للمطر: " سماء "لأنه من السماء ينزل،
فيقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم. . قال الشاعر:
إذ نَزلَ السماءُ بِأرْضِ قَوْمٍ. . . رَعَيْنَاهُ وإنْ كانوا غِضابا
ويقولون: ضحكت الأرض - إذا أنبتت - لأنها تبدى من حسن النبات
وتتفتق عن الزهر كما يفتر الضاحك عن الثغر. . ولذلك قيل لطلع النخل إذا انفتق عنه كافوره: الضحك! لأنه يبدو منه للناظر كبياض الثغر ".
وظاهر مما ذكره أنه لا يُفرق بين الاستعارة - التي يتحدث عنها - ويين المجاز
المرسل. لأن ما ذكره في المثال الأول مجاز مرسل. وكذلك الثاني، أما المثالان الأخيران فإن أولهما يمكن حمله على الاستعارة التمثيلية أو المكنية. والثاني استعارة أصلية تصريحية.
وقد استغرق باب الاستعارة أكثر من أربعين صفحة من كتابه المذكور.
وهو كغيره من السابقين لا يذكر قرينة المجاز.
هذه المحاولات - التي بدأت برضع أبى عبيدة كتاب " مجاز القرآن "
وانتهت بابن قتيبة حيث وضع كتاب " مشكل القرآن " - مهدت لظهور مرحلة جديدة أخذ العلماء فيها يسجلون من ملاحظاتهم الاصطلاحات الفنية للبلاغة، بدأت هذه المرحلة بابن المعتز، وانتهت بالسكاكى.
* * *