للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى آخر نلحظه: هو أن الهشيم يصبح قليل القيمة. أو هباء تذروه الرياح

كما جاء في قوله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ) .

وصورة مماثلةَ. (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (٦٨) .

وأخرى: (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)

وأخرى: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً) .

هذه ثلاث صور قريبة فيما بينها إذ تشترك الثلاث في أن الصيحة هى

آخذة الذين كفروا. . وهذا إسناد مجازي علاقته السببية.

لأن الآخذ الحقيقي هو الله.

وعقب كل مرة تأخذهم فيها الصيحة يصبحون جاثمين لا حراك لهم.

ويصيرون بعد هلاكهم كأنهم لم يسبق لهم وجود في الحياة.

استؤصلوا من جذورهم.

فقد شبَّه وجود هم بالعدم لانعدام آثارهم.

يقال: غنى بالمكان - أي أقام به - يعني: " كأن لم يقيموا في ديارهم أحياء متصرفين مترددين "

وفي الصورة الثالثة جاء تشبيههم بـ " الغثاء ". . والغثاء يُضرب به المثل

فى الضياع. ومصداق هذا في قوله سبحانه: (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>