للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذَكَر لي الدِّمياطيُّ: أنه تلا بالسَّبع على الكمال العباسيّ، وأراني الإجازة منه في مجلّد، وقد كان شيخُنا أبو محمّد حمل عن الصَّغَاني عشرين كتابًا من تصانيفه في الحديث واللغة، وسمع "جزء ابن عَرَفة" من بضعة وثمانين نفسًا بالشام ومصر والعراق، و "جزء الأنصاري" عن أكثر من مئة شيخ.

وأمّا عِلم النَّسبَ فمسلَّمٌ إليه، أرْبَى فيه على المتقدِّمين.

سكن دمشق مدّةً، وأفاد أهلَها، ثم تحوّل إلى مصر ونشر بها علمه، وكان موسَّعًا عليه في الرِّزق، وله حُرْمة وجلالة، وممَّا خلَّف لابنيه ثلاثة الآف مِثقال.

قال أبو الفتح اليَعمَري: هو أجمعُ أصحاب المُنذريِّ رِحلةً، وأرفعُهم نِحْلةً، وأجمعُهم للحديث وعلومه، وأبرعُهم في منقوله ومفهومه، وإلى أن قال: كان يتفداه كل رئيس، ويُقرّ له بالنَّفاسة كل نفيس، لم يزل عاكفًا على العلم عُكُوف تَوْبةَ (١) على حبِّ الأَخْيَليَّة، ووقوف غَيْلان (٢) على دار مَيّة، يُلْقي دُروسا، تجلو على السماع عروسا.

قلت: ما زال يُسمِع الحديث إلى أن مات فجأة بعد أن قُرئ عليه الميعاد، ثم صعد إلى بيته، فغُشِيَ في السُّلَّم عليه، وتوفّاه الله تعالى في نصف ذي القَعْدة سنة خمس وسبع مئة، عن اثنتين وسبعين سنة، وصلَّوا عليه بدمشق صلاة الغائب، وكانت جنازته مشهودة، وله نظمٌ جيِّد.

وفيها مات خطيب حلب وحاكمها ومفتيها العلّامة شمس الدين محمد بن محمد بن بهرام الدمشقي الشافعي عن ثمانين سنة، وقاضي نابُلُس


(١) هو الشاعر تَوْبة بن الحُميِّر، عُرف بحُبِّه لليلى الأَخيلية.
(٢) هو غيلان بن عُقبة العدوي، المشهور بذي الرُّمّة، وصاحبتُه ميّة بنت مقاتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>