للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وللمجتهد أجران إن وافق السنّةَ، وأجرٌ واحد فيما خالفها لأنه حريصٌ جدًّا على اتباعها، مجتهد في فَكَاك رقبته ولا يوجب ذلك على غيره، فالله تعالى لا يسأله: لمَ لا أكلتَ كلَّ مباح؟ بل يسأله: لمَ أكلتَ الحرام؟ ويسأله: لمَ حرَّمتَ على عبادي ما أبحتُ لهم، مع علمك بإباحته؟ ويَعذِره فيما وقع منه بجهل، لا في تمام التورّع بالعلم، وذلك حال الأنبياء وأتباعهم، مع أنَّ لهم فيه شرائع وطرائق، كطريقة عيسى في سِياحته وتركه للدنيا، وكطريقة سليمان في التوسُّع من الدنيا، وكطريقة إبراهيم الخليل في قِرَى الضيف، وأكملُ الطرائق الطريقة المحمدية الحنَيفية السَّمْحة، من التنوع في الأمر مع التوسّط في الأشياءِ، فقد عزَّ المتَّبِعُ لها، العالمُ بتفاصيلها.

لكن في هذه الأُمة أفراد من السادة لكلٍّ منهم نهج ومألوف وعادة واقتداء، فإذا تفكَّرتَ في أحوال كبراء الصحابة، وجدتَ كلَّ واحد منهم قد برز في حال من الأحوال؛ هذا في الجِدّ، وهذا في فنٍّ من العلم، وهذا في قول الحق المُرّ، وهذا في الزهد والتقلُّل، وهذا في البرّ والبذل في المعروف، وهذا في القيام، وهذا في العبادات والتهجُّد والخشوع، وهذا في الوضوء والنظافة ولزوم الصمت، إلى أمثال ذلك من الدِّين وأمور الخير، فلا تكن فظًّا غليظًا على أهل الخير، مع بِطالتك وكَسَلِك، واحذر بعملك الشُّبهة، نعم لا تجعل اجتهاد العباد والوَرِعين قدوةً وحُجّة، بل زِنِ الأعمال بالكتاب والسنة، وانظر إلى كبير حسنات المؤمن، ولا تعبث بغلطته المغفورة، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا.

وقد رأيت مجلدًا لطيفًا في مناقب القبّاري ، جمعها الشيخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>