للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والده مرض مدةً فخرجتُ قلقًا، فقال لي القاضي تقي الدين: لا تخف، ما يموت والدك في هذه المرضة.

وحكى ولده عز الدين والقاضي شرف الدين ابن الحافظ: أنَّ القاضي تقيّ الدين لم يَحتلِم قطُّ، ثم قال ابنه: وأنا ما احتلمتُ سوى مرة أو مرتين.

وحكى القاضي شهاب الدين ابن المَجْد قال: حضرتُ عند القاضي تقي الدين ولا أعلمُ ما طُبِخَ في بيتي، فقال لي: قم وكل عجّوريّة طيبة وحصِّل لك قنبريس، فأتيت فوجدت العجّورية ولم أجد عندهم قنبريس.

وقال ولده: ما رأيت أحرصَ منه على الصلوات في أول وقتها، في الحضر والسفر والمرض.

ولمّا تَسلطَنَ الشاشنكير تُكلِّم في القاضي بأنه ربما دلَّس عليه، فعُزِلَ بالقاضي شهاب الدين، وكان بيته تلقاءَ بيت القاضي، فصبر وثبت ولم يُسمَع منه سوءٌ في حق شهاب الدين، وبقي الأمر أشهُرًا وهو يقول لابنه: طيِّب قلبك، ما نسكت عن منصبنا، وهذا ما يدوم، فأعاده السلطان لمّا قدم من الكرك وأهلَكَ سلّار والشاشنكير، ومات ابن الحافظ بعدُ بقليل.

جرت مِحنة الشيخ تقيّ الدين ابن تَيْميّة في سنة خمس وسبع مئة، وحصل للحنابلة أذًى كثيرٌ بمصر ودمشق، فجاء البريدُ بإلزام الحنابلة بالرُّجوع عن مُعتقَدهم وهُدِّدوا، فتلطَّف القاضي تقيّ الدين في الأمر، ولم يَظهَر عليه ألم ولا غضب، ودارى بحُسْن خُلُقه وأخذ يدافع ويُماطِل، وما كتب شيئًا، وخَمَدَ الشرُّ، وأرادوا منه أن يكتب بالبراءة من مُعتقَد ابن تيميَّة فامتَنعَ وترفَّق بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>