نفسه غيرَ مرة من القضاء، فيُسأل ويُعاد، وبلغني أنَّ السلطان حسام الدين لما طَلَع إليه قام وخطا عن مرتبته له، وكان شفوقًا على المشتغلين، كثير البِرّ لهم. أتيتُه بجزءٍ سمعه من ابن روَاج والطبقة بخطِّه، فقال: حتى انظر، ثم عدتُ إليه فقال: هو خطي، لكن ما أُحقِّق سماعي له ولا أذكُرُه. وبلغني أنَّ جدَّه لأمِّه الإمام تقيَّ الدين المُقترَح كان يشدِّد ويبالِغ في الطهارة.
إلى أن قال قطب الدين: وتوفي في مصر سنة اثنتين وسبع مئة.
ومن "معجم" البِرْزالي قال: تقي الدين ابن الشيخ مجد الدين المُجمَع على غزارة علمه، وجودة ذهنه، وتفنُّنه في العلوم، واشتغالِه بنفسه وقلّة مخالطته، مع الدِّين المتين، والعقل الرَّصين، قرأ أولًا مذهب مالك، ثم قرأ مذهب الشَّافعي، ودرَّس بالفاضليّة فيهما، وهو خبير بصناعة الحديث، عالمٌ بالأسماء واللغات والمتون والمجروحين، وله اليد الطُّولى في الأصلين والعربية والأدب، نشأ بقُوص وتردّد إلى القاهرة، وكان في آخر عمره شيخَ البلاد، وعالمَ العصر، وكان يَذكر أنه من وَلَد بَهْزِ بن حَكيم القُشَيري، شكّ في ابن المقيّر هل يعتبر حال السماع، فلم يرو عنه، وما أجاز لأحد إلّا شيئًا حدَّث عنه به، وكان في نحو سنة خمس وسبعين خطيبًا وحاكمًا.
قال النَّجْم بن عبد الحميد: ولم يكن حينئذٍ في وقته من يضاهِيه في علم الحديث وغيره.
وكتب فيه ابن الزَّمْلَكَاني: هو إمام الأئمة في وقته، وعلَّامة العلماء في عصره، بل ولا قبلَه في سنين مثلُه في العلم والدِّين والزهد والورع، تفرَّد في