للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

علوم كثيرة، كان يعرف التفسير والحديث، ويحقِّق المذهبين تحقيقًا عظيمًا، ليس في علماء المذهبين مثلُه، ويعرف الأصلين والنحو واللغة، وإليه النهاية في التحقيق والتدقيق، والغَوص على المعاني، أقرَّ له الموافق والمخالف، وعظَّمه الملوك، حتى إنَّ السلطان كان ينزل له عن سريره ويقبِّل يده، وكان صحيح الاعتقاد، قويًا في ذات الله، وله التصانيف العجيبة. إلى أن قال ابن الزَّمْلَكاني: وليس الخَبر كالعيان، .

وقال الحافظ اليَعْمَري (١) - فيما قرأته بخطه - قال: لم أر مثله فيمن رأيت، ولا حملتُ عن أجلّ منه فيما رويت، قرأت عليه بمكة من "المحصول" لفخر الدين، وكنت مستملي تصانيفه، وربما راجعته فرجع إليَّ، وكنت المتصدرَ لإفادة طلبته بدار الحديث من جهته، وكان للعلوم جامعًا، وفي فنونها بارعًا، مقدَّمًا في معرفة الحديث على أقرانه، شديدَ النظر بأذكى المعيّة وأزكى لوذعية، لا يُشَقُّ له غبار، ولا يُجْرَى معه في مِضْمار.

إذا قال لم يترك مقالًا لقائلٍ … مُصِيبٍ ولم يَثنِ اللسانَ على هَجْرِ

وكان حَسَن الاستنباط، مبرِّزًا في العلوم العقلية والنقلية.

فكان من العلوم بحيثُ يُقضَى … له في كلِّ عِلمٍ بالجميعِ

ولم يزل حافظًا للسانه، مقبلًا على شأنه، وقف نفسه على العلم وقصَرَها، ولو شاء العادُّ أن يحصر كلماته لحَصَرَها، وله تخلُّق، وبكرامات الصالحين تحقُّق، وبمقامات العارفين تعلُّق؛ أخذوا نوبةَ حمص سنة


(١) يعني أبا الفتح ابن سيد الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>