للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ٢ - عن أنس قال: قد غلا السعر على عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: يا رسول اللَّه لو سعرت؟ فقال: إن اللَّه هو القابض الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى اللَّه عز وجل ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال) رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.
٣ - وأما الأثر، فعن سعيد بن المسيب قال: مر عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه على حاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبًا له بالسوق فقال له عمر رضي اللَّه عنه، إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا.
وتمام هذا الأثر: فيما روى الشافعي عن الدراوردي عن داود بن صالح التمار عن القاسم بن محمد عن عمر رضي اللَّه عنه، أنه مر بحاطب بسوق المصلي وبين يديه غرارتان فيهما زبيب فسأله عن سعرهما، فسعر له مدين لكل درهم، نقال له عمر رضي اللَّه عنه قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبًا وهم يعتبرون بسعرك، فإما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت، فلما رجع عمر حاسب نفسه، ثم أتى حاطبًا في داره، فقال له: إن الذي قلت ليس بعزمة مني ولا قضاء، إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع: السنن الكبرى للبيهقي ٦: ٢٩.
وقد استدل بحديث أنس وما ورد في معناه على تحريم التسعير وأنه مظلمه. ووجهه: أن الناس مسلطون على أموالهم، والتسعير حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يببع بما لا يرضى به، مناف لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء.
وروي عن مالك: أنه يجوز للإمام التسعير، والأحاديث ترد عليه.
وظاهر الأحاديث: أنه لا فرق بين حالة الغلاء وحالة الرخص، ولا فرق بين المجلوب وغيره وإلى ذلك مال الجمهور. =

<<  <  ج: ص:  >  >>