ولأنه إذا وجب بذل فضل الماء للكلاء لاستغنائه عنه، وحاجة غيره، وجب بذل فضل الحائط لاستغنائة عنه وحاجة جاره (المجموع: ١٢: ٤٠٨). (١) لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (لا يحل مال امرىء مسلم إلا بطيب نفس منه): (الفتح الكبير ٣: ٣٥٩) ولأنه انتفاع بملك غيره من غير ضرورة، فلا يجوز بغير إذنه كالحمل على بهيمته، والبناء في أرضه. أما حديث أبي هريرة السابق فنحمله على الاستحباب، وأما الماء فإنه غير مملوك في قول بعض أصحابنا، والحائط مملوك، ولأن الماء لا تنقطع مادته، والحائط بخلافه. فإن كان الجذع ثقيلًا يضر بالحائط، لم يجز وضعه من غير إذنه قولًا واحدًا، لأن الارتفاق بحق الغير لا يجوز مع الاضرار، ولهذا لا يجوز أن يخرج إلى الطريق جناحًا يضر المارة. وإن كان لا حاجة به إليه لم يجبر عليه، لأن الفضل إنما يجب بذله عند الحاجة إليه، ولهذا يجب فضل الماء عند الحاجة إليه للكلأ، ولا يجب مع عدم الحاجة. - فإن قلنا: يجبر عليه فصالح منه على مال، لم يجز، لأن من وجب له حق لا يؤخذ منه عوضه. - وإن قلنا: لا يجبر عليه، فصالح منه على مال، جاز على ما بنياه في أجذاع الساباط (المجموع ١٢: ٤٠٨).