والحكمة في ترك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على من عليه دين تحريض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل إلى البراءة، وقد توسع إمامنا النووي رضي اللَّه عنه في كتاب الجنائز من المجموع. وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة (المغني ٤: ٥٩) وأركان ضمان المال خمسة: ضامن، ومضمون له، ومضمون عنه، ومضمون به، وصيغة. (١) لما روى أبو قتادة قال: (أقبل بجنازة على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: (هل على صاحبكم من دين؟ فقالوا: عليه ديناران، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: هما عليّ يا رسول اللَّه، فصلى عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) وقد مر بنا تخريجه سابقًا. (٢) فلو لم تصح الكفالة عن الميت المفلس لما صلى عليه بعد الكفالة، ولأنه كفل بدين ثابت، لأن الدين وجب في حياته لحق الطالب وهو باق، ولم يوجد المسقط وهو الأداء أو الإبراء، أو انفساخ سبب وجوبه، ولم يتحقق بالموت شيء من ذلك، ويدل على بقائه كونه يطالب به في الآخرة، وأنه لو تبرع به إنسان جاز أخذ الطالب منه، ولو سقط بالموت ما حل له أخذه، وأنه لو كان به كفيل قبل موته بقيت الكفالة، ولو بطل الدين، بطلت الكفالة لسقوطه عن الكفيل بسقوطه عن الأصيل. (الهداية وفتح القدير ٧: ٢٠٤) (٣) (بماله): في أ، جـ وفي ب بمال. (٤) لأنه كفل بدين ساقط في حكم الدنيا لا مطلقًا، والكفالة من أحكام الدنيا، لأنها توثق ليأخذه فيها، لا في الآخرة، فلا يتصور لها وجود بلا دين كذلك، ولأن =