للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مالك: إن كان على الموكل ضرر في عزل نفسه، لم يجز له أن يعزل نفسه إلا بحضرته.

وقال أبو حنيفة: إذا كان قد شرع في الخصومة، لم يجز له أن يعزل نفسه من غير حضوره (١).


= وجملته: أن الوكالة عقد جائز من الطرفين، فللموكل عزل وكيله متى شاء، وللوكيل عزل نفسه، لأنه أذن في التصرف، فكان لكل واحد منهما إبطاله، كما لو أذن في أكل طعامه - وتبطل أيضًا بموت أحدهما أيهما كان، وجنونه المطبق، ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم، فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل، أو موته، فهو باطل إذا علم ذلك. فإن لم يعلم الوكيل بالعزل ولا موت الموكل، فعن أحمد فيه روايتان، وللشافعي فيه قولان: وظاهر كلام الخرقي هذا: أنه ينعزل علم أو لم يعلم، ومتى تصرف فبان أن تصرفه بعد عزله، أو موت موكله، فتصرفه باطل، لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضا صاحبه، فلا يفتقر إلى علمه كالطلاق والعتاق.
والقول الثاني: وهي الرواية الثانية عن أحمد: لا ينعزل قبل علمه بموت الموكل وعزله، نص عليه في رواية جعفر بن محمد إمام العترة، لأنه لو انعزل قبل علمه، كان فيه ضرر، لأنه قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة. وربما باع الجارية فيطؤها المشتري أو الطعام فيأكله أو غير ذلك، فيتصرف فيه المشتري، ويجب ضمانه، ويتضرر المشتري والوكيل، ولأنه يتصرف بأمر الموكل، ولا يثبت حكم الرجوع في حق المأمور قبل علمه كالفسخ، فعلى هذه الرواية، متى تصرف قبل العلم نفذ تصرفه. (المغني لابن قدامة ٥: ١٢٣)
(١) إن عزله الموكل، لا ينعزل قبل علمه، وإن عزل الوكيل نفسه لم ينعزل إلا بحضرة الموكل، لأنه متصرف بأمر الموكل، فلا يصح رد أمره بغير حضرته كالمودع في رد الوديعة.
ولنا: ما تقدم، فأما الفسخ ففيه وجهان كالروايتين، ثم هما مفترقان، فإن أمر الشارع يتضمن المعصية بتركه، ولا يكون عاصيًا من غير علمه. وهذا يتضمن العزل عنه إبطال التصرف، فلا يمنع منه عدم العلم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>