للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: لا يضمنه، وهو قول أبي حنيفة (١).

فإن ولدت البهيمة المودعة عنده، كان الولد أمانة (٢)، وهل يجوز له إمساكه؟ فيه وجهان:

أحدهما: يجوز (٣).

والثاني: لا يجوز (٤)، ويجب أن يعلم صاحبه.

ويجب حفظ الوديعة في حرز مثلها، فإن قال له (لا تقفل عليها فأقفل، أو قال) (٥) لا تقفل قفلين فأقفل عليها قفلين، أو لا ترقد عليها،


(١) وهذا وجه أبي حنيفة ومحمد رحمهما اللَّه: ووجه قولهما: أن إيداع الصبي المحجور إهلاك للمال معنى، فكان فعل الصبي إهلاك مال قائم صورة لا معنى، فلا يكون مضمونًا عليه. ودلالة ما قلنا: إنه لما وضع المال في يده، فقد وضع في يد من يحفظه عادة، ولا يلزمه الحفظ شرعًا، ولا شك أنه لا يجب عليه حفظ الوديعة شرعًا، لأن الصبي ليس من أهل وجوب الشرائع عليه، والدليل على أنه لا يحفظ الوديعة عادة، أنه منع ماله، ولو كان يحفظ المال عادة لدفع إليه، قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}، سورة النساء، ٦/ ١٤. وبهذا فارق المأذون لأنه يحفظ المال عادة، ألا ترى أنه دفع إليه ماله ولو لم يوجد منه الحفظ عادة، لكان الدفع إليه سفهًا، بخلاف ما إذا كانت الوديعة عبدًا أو أمة، لأن هناك لا يجب عليه ضمان المال أيضًا، وإنما يجب عليه ضمان الدم، لأن الضمان الواجب بقتل العبد ضمان الآدمي لا ضمان المال، والعبد من حيث أنه آدمي قائم من كل وجه قبل الإيداع وبعده فهو الفرق. (بدائع الصنائع للكاساني ٦: ٢٠٧).
(٢) لأنه لا سبب منه ولا من أمه يوجب الضمان.
(٣) لأن إيداع الأم إيداع لما يحدث منها.
(٤) بل يجب أن يعلم صاحبه، كما لو ألقت الريح ثوبًا في داره.
(٥) (لا تقفل عليها فأقفل، أو قال) ساقطة من ب وموجودة في أ، جـ، وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>