للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مالك: لا يضمنها إلا أن يكون ماله دونها (١).

فإن أنفق الوديعة، ضمنها، فإن رد بدلها إلى موضعها، لم يتعين حقه فيه، وبه قال أبو حنيفة (٢).

وحكي عن مالك: أن ذلك يقوم مقامها، ويصير أمانة (٣).


= بحر، وإن أمره صاحبها بخلطها بماله، أو بغيره، ففعل ذلك، فلا ضمان عليه، لأنه فعل ما أمر به، فكان نائبًا عن المالك فيه، وقد نقل مُهنا عن أحمد في رجل استودع عشرة دراهم، واستودعه آخر عشرة، وأمراه أن يخلطها، فخلطها، فضاعت الدراهم، فلا شيء عليه، فإن أمره أحدهما بخلط دراهمه، ولم يأمره الآخر، فعليه ضمان دراهم من لم يأمره، دون الأخرى، وإن اختلطت هي بغير تفريط منه، فلا ضمان عليه، لأنها لو تلفت بذلك لم يضمن، فخلطها أولى، وإن خلطها غيره فالضمان على من خلطها، لأن العدوان منه، فالضمان عليه، كما لو أتلفها. (المغني لابن قدامة ٦: ٤٣٧).
(١) لأنه لا يمكنه ردها إلا ناقصة.
(٢) يرى الكاساني رحمه اللَّه: أن المودع إذا أنفق بعض الوديعة، ضمن قدر ما أنفق ولا يضمن الباقي، لأنه لم يوجد منه إلا إتلاف قدر ما أنفق، ولو رد مثله فخلطه بالباقي، يضمن الكل لوجود إتلاف الكل منه، النصف بالإتلاف، والنصف الباقي بالخلط لكون الخلط إتلافًا على ما بينا، ولذلك إذا رد بدله فإنه لا حق له، لأنه صار ملكًا للمودع -بالكسر- (بدائع الصنائع ٦: ٢١٣، وفتح القدير ٧: ٩٢).
(٣) ويقول أبو زيد القيرواني: إن كانت الوديعة دنانير أو دراهم مربوطة أو مختومة فتسلفها أو بعضها فرد مثلها في صرتها ثم هلكت الوديعة، فقد اختلف في تضمينه: فقيل: عليه الضمان، لأنه متعد في حلها.
وقيل: لا ضمان عليه، وبه أخذ ابن القاسم وغيره وشهر. والمشهور: عدم الضمان إلا أن محله حيث كان تصرفه في الوديعة مكروها.
واعلم أن التصرف في الوديعة على ثلاثة أقسام: =

<<  <  ج: ص:  >  >>