للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبو يوسف، وأحمد: يصح، وهو قول أبي العباس (والزبيدي) (١).


= المسلمين ليس على سبيل الشرط، بل إخبار بأن للواقف أن ينتفع بوقفه العام، كالصلاة بمسجد وقفه.
ولو وقف على نفسه وحكم به حاكم نفذ حكمه، ولم ينقض، لأنها مسألة اجتهادية ويستثنى من عدم صحة الوقف على النفس مسائل:
منها: ما لو وقف على العلماء ونحوهم كالفقراء، واتصف بصفتهم، أو على الفقراء ثم افتقر، أو على المسلمين، كأن وقف كتابًا للقراءة ونحوها، أو قدرًا للطبخ فيه، أو كيزانًا للشرب بها ونحو ذلك، فله الانتفاع معهم، لأنه لم يقصد نفسه.
ومنها: ما لو وقف على أولاد أبيه الموصوفين بكذا، وذكر صفات نفسه، فإنه يصح كما قاله القاضي الفارقي، وابن يونس وغيرهما، واعتمده ابن الرفعة وإن خالف فيه الماوردي.
ومنها: ما لو شرط النظر لنفسه بأجرة المثل، لأن استحقاقه لها من جهة العمل، لا من جهة الوقف.
فينبني لا تستثنى هذه الصورة، فإن شرط النظر بأكثر منها، لم يصح الوقف، لأنها وقف على نفسه.
ومنها: أن يؤجر ملكه مدة يظن أن لا يعيش فوقها منجمة، ثم يقفه بعد على ما يريد، فإنه يصح الوقف ويتصرف هو في الأجرة، كما أفتى به ابن الصلاح وغيره، والأحوط أن يستأجره بعد الوقف من المستأجر لينفرد باليد ويأمن خطر الدين على المستأجر.
ومنها: أنه يرفعه إلى حاكم يرى صحته كما عليه العمل الآن، فإنه ينقض حكمه كما مر، ولو وقف وقفًا ليحج عنه منه جاز كما قاله الماوردي، وليس هذا وقفًا على نفسه، لأنه لا يملك شيئًا من غلته، فإن ارتد لم يجز صرفه في الحج، وصرف إلى الفقراء، فإن عاد إلى الإِسلام أعيد الوقف إلى الحج عنه، ولو وقف على الجهاد عنه جاز أيضًا، فإن ارتد فالوقف على حاله، لأن الجهاد يصح من المرتد، بخلاف الحج/ مغني المحتاج للخطيب الشربيني ٢: ٣٨٠.
(١) (والزبيدي): وجمع النسخ الزبيدي/ أنظر المهذب ١: ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>