قال أحمد: ليست العزبة من أمر الإسلام في شيء وقال: من دعاك إلى غير التزويج فقد دعاك إلى غير الإسلام، ولو تزوج بشر كان قد تم أمره. وقال الشافعي: التخلي لعبادة اللَّه تعالى أفضل، لأن اللَّه تعالى مدح يحيى عليه السلام بقوله: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} والحصور الذي لا يأتي النساء، فلو كان النكاح أفضل لما مدح بتركه. وقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ}. وهذا في معرض الذم. ولو كان التخلي أفضل، لما تزوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وبالغ في العدد، وفعل مثل ذلك أصحابه، ولا يشتغل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه إلا بالأفضل، ولا تجتمع الصحابة على ترك الأفضل والاشتغال بالأدنى. ومن العجب أن من يفضل التخلي لم يعمله، فقد تزوج الشافعي، وأنجب أولادًا مع أنه كان كثير المرض عليل الصحة رضي اللَّه عنه. فكيف اجتمعوا على النكاح في فعله، وخالفوه في فضله. الثالث: من لا شهوة له، إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه، ففيه وجهان: أحدهما: يستحب له النكاح. والثاني: التخلي له أفضل، لأنه لا يحصل مصالح النكاح، ويمنع زوجته من التحصين بغيره ويضر بها بحبسها على نفسه، ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يتمكن من القيام بها، ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه/ المغني لابن قدامة ٧: ٤ - ٧. قالت عائشة رضي اللَّه عنها: كانت مناكح أهل الجاهلية على أربعة أقسام: أحدها: مناكح الرايات، وهو أن المرأة كانت تنصب على بابها راية لتعرف أنها عاهرة، فيأتيها الناس. والثاني: أن الرهط من القبيلة أو الناحية كانوا يجتمعون على وطء امرأة لا يخالطهم غيرهم، فإذا جاءت بولد ألحق بأشبههم. والثالث: نكاح الاستخبار، وهو أن المرأة إذا أرادت أن يكون =