للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن (توعده) (١) بضرب مبرح، أو أخذ مال، أو حبس طويل، فقد اختلف أصحابنا (فيه) (٢).

فقال أبو إسحاق: لا يكون إكراهًا.

والمذهب: أنه إكراه.

وقال أبو علي في الإفصاح: كل ذلك إكراه، حتى لو توعده بالاستخفاف، وهو رجل وجيه (يغض) (٣) منه ذلك، كان إكراهًا.

وحكى عن أحمد في إحدى الروايتين أنه قال: الوعيد ليس بإكراه (٤).


(١) (توعده): في ب، جـ وفي أقوعده، وهذا تصحيف ظاهر.
(٢) (فيه): في جـ وساقطة من أ، ب.
(٣) (يغض): في أ، جـ وفي ب تفيض.
(٤) لأن الذي ورد الشرع بالرخصة معه: هو ما ورد في حديث عمار، وفيه: (أنهم أخذوك فغطوك في الماء) فلا يثبت الحكم إلا فيما كان مثله.
والرواية الثانية: أن الوعيد بمفرده إكراه، لأن الإكراه لا يكون إلا بالوعيد، فإن الماضي من العقوبة لا يندفع بفعل ما أكره عليه، ولا يخشى من وقوعه، وإنما أبيح له فعل المكره عليه دفعا لما يتوعده به من العقوبة فيما بعد، وهو في الموضعين واحد، ولأنه متى توعده بالقتل، وعلم أنه يقتله فلم يبح له الفعل أفضى إلى قتله، وإلقائه بيده إلى التهلكة، ولا يفيد ثبوت الرخصة بالإكراه شيئًا، لأنه إذا طلق في هذه الحال وقع طلاقه، فيصل المكره إلى مراده، ويقع الضرر بالمكره، وثبوت الإكراه في حق من نيل بشيء من العذاب لا ينفي ثبوته في حق غيره، وقد روى عن عمر رضي اللَّه عنه في الذي تدلي يشتار عسلًا (أي يجني عسلًا)، فوقعت امرأته على الحبل، وقالت: طلقني ثلاثًا وإلا قطعته، فذكرها اللَّه والإسلام، فقالت: لتفعلن أو لأفعلن، فطلقها ثلاثًا، فرده إليها. رواه سعيد بإسناده، وهذا كان وعيدًا/ المغني لابن قدامة ٧: ٣٨٣ - ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>