للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة ومالك: المني جميعه نجس من الآدمي،


= وعند ذلك يبدو له السبب في ذلك، وقد أقرها عليه. وعلى هذا: لو كان المني ظاهرًا، لمنعها من إتلاف الماء لغير حاجة، لأنه سرف، لأن السرف صرف الشيء في غير حاجة.
وفي مسلم عن عائشة: "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا انظر إلى أثر الغسل منه"، "صحيح مسلم" ٣/ ١٩٧، ويقول الكمال بن الهمام: فإن حمل على حقيقته من أنه فعله بنفسه، فظاهر، أو على مجازه، وهو أمره بذلك، فهو نوع علمه.
وأما حديث: إنما يغسل الثوب من خمس، فرواه الدارقطني عن عمار بن ياسر قال: أتى علي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنا على بئر أدلو ماء في ركوه، قال: يا عمار ما تصنع؟ قلت: يا رسول اللَّه بأبي وأمي، أغسل ثوبي من نخامة أصابته، فقال: يا عمار: إنما يغسل الثوب من خمس: من الغائط، والبول، والقيء، والدم، والمني، يا عمار: أما نخامتك، ودمع عينك، والماء الذي في ركوتك إلا سواء، انظر "فتح القدير" ١/ ١٣٦، ويقول الكمال: وهذا الحديث ضعيف، وأنا لم أعثر عليه في سنن الدارقطني.
الشافعية: فقد استدلوا بما روي عن عائشة رضي اللَّه عنها: "أنها كانت تحت المني من ثوب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يصلي"، "مختصر سنن أبي داود" ١/ ٢٢٢، والموجود فيصلي فيه، ولو كان نجسًا لما انعقدت معه الصلاة، ولأنه مبتدأ خلق بشر، فكان طاهرًا كالطين، وفي مسلم ٣/ ١٩٦ "لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فركًا فيصلي فيه"، واحتج أصحاب الشافعي بحديث فركه، ولو كان نجسًا لم يكف فركه، كالدم، والمذي، وغيرهما، وهذا القدر كاف، وهو الذي اعتمده النووي في طهارته.
وأما قول عائشة: "إنما كان يجزيك" فهو وإن كان ظاهره الوجوب، فجوابه من وجهين: أحدهما: حمله على الاستحباب، لأنها احتجت بالفرك، فلو وجب الغسل، لكان كلامها حجة عليها، لأنها وإنما أرادت الإنكار عليه في غسل كل الثوب، فقالت: غسل كل الثوب بدعة منكرة، وإنما يجزيك في تحصيل الأفضل والأكمل كذا وكذا، "المجموع" ٢/ ٥٦١، ٥٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>