وإن سرقه من بيت مقفل قطع، وهذا الذي ذهب إليه المصنف/ لما روى محمد بن حاطب، أو الحارث، أن رجلًا قدم المدينة، فكان يكثر الصلاة في المسجد وهو أقطع اليد والرجل، فقال له أبو بكر رضي اللَّه عنه: ماليلك بليل سارق، فلبثوا ما شاء اللَّه، ففقدوا حليًا لهم، فجعل الرجل يدعو على من سرق أهل هذا البيت الصالح، فمر رجل بصائغ فرأي عنده حليًا، فقال: ما أشبه هذا الحلي بحلي آل أبي بكر فقال للصائغ: ممن اشتريته؟ فقال: من ضيف أبي بكر، فأخذ فأقر، فجعل أبو بكر رضي اللَّه عنه يبكي، فقالوا: ما يبكيك من رجل سرق؟ فقال: أبكي لفرقه باللَّه تعالى، فأمر فقطعت يده، ولأن البيت المغلق حرز لما فيه فقطع بالسرقة منه/ المهذب ٢: ٢٨١. (١) لأن البيت لم يبق حرزًا في حقه، لكونه مأذونًا في دخوله، ولأنه بمنزلة أهل الدار فيكون فعله خيانة لا سرقة/ الهداية ٢: ٩٢. (٢) لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} سورة المائدة: ٣٨، ولأنهما استويا في سائر الحدود، فكذلك في هذا، وقد قطع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سارق رداء صفوان، وقطع المخزومية التي سرقت القطيفة. وروى الأثرم: أن رقيقًا لحاطب بن أبي بلتعه سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها، فأمر كثير بن الصلت أن تقطع أيديهم، ثم قال عمر: واللَّه إني لأراك تجيعهم، ولكن لأغرمنك غرمًا يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ قال: أربعمائة درهم، قال عمر: أعطه ثمانمائة درهم/ المغني لابن قدامة ٩: ١٢٧. (٣) لأن قطعه قضاء على سيده، ولا يقضي على الغائب.