للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهى مستحيلة في حق الله تعالى ولا تطلق عليه إلا مجازًا، ومَنْ فَسَّر الصلاة بالرحمة فرارًا من تفسيرها بالدعاء وقع في هذا العظيم، وصار كمن فسر قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (١) بمعنى: جلس، فإنه فسر شيئًا ظاهره محال بالمحال (٢) (٣).

ولقائل أن يقول: إذا كانت حقيقة الصلاة الدعاء - فاستعمالها في المغفرة والرحمة مجاز، فيكون الموجود في الآية استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، لا في حقيقتيه، والمحتجون بالآية إنما ساقوها لاستعمال المشترك في معنييه، نعم يلزم من جوازه في حقيقته ومجازه جوازُه في حقيقتيه.

واعترض المانعون على هذا الاحتجاج بأن قوله: {يُصَلُّونَ} (٤) فيه ضميران: أحدهما: عائد إلى (٥) الله تعالى. والثاني: عائد إلى الملائكة، وتعدد الضمائر بمنزلة تعدد الأفعال، فكأنه قال: إن الله يصلي وملائكته (٦) يصلون. فلا يكون حينئذ اسْتَعْمل (٧) اللفظ الواحد في معنييه، بل استعمل


(١) سورة طه: الآية ٥.
(٢) في (ك): "بمحال".
(٣) هذا على منهج المؤولة من الأشاعرة، ومال المتقدمون منهم إلى إثبات جميع الصفات مع نفي الظاهر المقتضي للتشبيه، فيثبتون جميع الصفات من غير تأويل ولا تكييف ولا تشبيه، فكما أن ذاته تعالى لا تشبهها الذوات فكذا صفاته تعالى.
(٤) سورة الأحزاب: الآية ٥٦.
(٥) في (ص): "على".
(٦) في (ص): "والملائكة".
(٧) في (ت): "استعمال".

<<  <  ج: ص:  >  >>