للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: إنما يكون التواطؤ أولى إذا دار اللفظ بين الثلاثة، من غير دليل مقتضٍ لأحدها بخصوصه، أما إذا دل دليل على الاشتراك أو المجاز بخصوصه فيتعين، وقد دل الدليل هنا على أن الصلاة مشتركة بين المغفرة والاستغفار؛ لتبادر الذهن إليه عند الإطلاق (١).

فإن قلت: سَلَّمنا أنه غير موضوع للاعتناء بإظهار الشرف، وأن استعماله فيه إنما هو بطريق المجاز، ولكن المجاز أولى من الاشتراك، فليُحمل عليه.

قلت: هذه مغالطة فإن الحمل على الاعتناء لم يدفع الاشتراك؛ إذ الاشتراك ثابت فيه لما بيناه، سواء أحملناه (٢) على الاعتناء أم لم نحمله. نعم لو حملناه عليه لزم حمل اللفظ المشترك على مفهومه المجازي (٣).

واعْتُرِض على الاحتجاج بالآية أيضًا: بأنه يجوز أن يكون قد حُذف الخبر للقرينة، كقوله:

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راضٍ، والرأي مختلف (٤)


(١) أي: ولم يتبادر إلى الاعتناء بإظهار الشرف.
(٢) في (ت). و (ص)، و (ك): "حملناه".
(٣) وحمله على مفهومه المجازي لا يمنع الاشتراك؛ إذ لا تعارض بين المعنى المجازي والاشتراك، فيبقى الاشتراك، ويكون هو المراد باللفظ.
(٤) تقدير الكلام: نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راضٍ. فراضون خبر "نحن" محذوف؛ لدلالة "راض" الذي هو خبر "أنت" عليه، فكذلك الآية. والبيت قائله قيس بن الخطيم أحد فحول الشعراء في الجاهلية، على الصواب. قاله الشيخ محمد محيي الدين في تعليقه على ابن عقيل ١/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>