للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلزم أيضًا أن يكون معنى السجود: الذي هو وضع الجبهة على الأرض، والخضوع مُسْنَدًا (١) إلى الذواتِ (٢) وهو باطل أيضًا. وفيه نظر، فإن هذا الذي ذكره إنما يلزم أن لو أُسْنِد المجموع (٣) إلى واحد فقط، أما إذا اسْتُعْمِل في بعض المعاني مع اتحاد المسند إليه مثل: الطير يسجد، بمعنى يخشع أو في المجموع مع تعدد المسند إليه ليرجع كل واحد (إلى واحد) (٤) (٥) فلا يلزم هذا المحذور، والدليلان المذكوران من هذا القبيل، فالأولى في الجواب أن يَمْنَع وَضْعَه للمجموع، وسَنَدُ المنع أنه خلاف الأصل؛ إذ يلزم منه الاشتراك؛ لأنه يكون موضوعًا لكل فردٍ و (٦) للمجموع، والاشتراك على


(١) في (ص): "مستندا".
(٢) في (ص): "الدواب". ويغلب على الظن أن ناسخ (ص) تصرف من عنده؛ إذ لعله ظن أنها مُصَحَّفة وأن الذوات خاص بالعقلاء وهم البشر، فأبدلها بالدواب، والمراد بالذوات هي الذوات المذكورة في الآية وهي قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ}. ويدل على ما قلتُ أن الإسنوي قال في شرحه ٢/ ١٣٣: "وأجاب عنه المصنف: بأنه يلزم أن يكون المجموع من وضع الجبهة والخضوع مسندًا إلى كل واحدٍ من الشجر والدواب وغيره مما ذُكِر"، بل كلام الماتن رحمه الله تعالى صريح في هذا إذ يقول في جوابه: "قلنا: فيكون المجموع مستندًا إلى كل واحد، وهو باطل". فقوله: "إلى كل واحد" يدل على أن الشارح عبر بالذوات الشامل للجميع، لا بالدواب الخاص بواحد فقط. ومن الواضح أن لفظة "الدواب" ليست خطأ، والمعنى بها صحيح، ولكن الظاهر من كلام الماتن هو التعميم، فيكون تعبير الشارح بلفظ "الذوات" أقرب إلى المتن. والله أعلم.
(٣) أي: وَضْع الجبهة والخضوع، والمغفرة والاستغفار.
(٤) سقطت من (ت).
(٥) أي: ليرجع كل واحدٍ من المعاني إلى واحد من المسند إليه.
(٦) سقطت الواو من (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>