للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإيمان حتى تقولوا: نحن مؤمنون. وإنما هو إسلام؛ لأنه فعلٌ ظاهرٌ من غير تصديق بالقلب، فلا تقولوا: آمنا، بل قولوا: أسلمنا؛ لأنه هو الذي وقع منكم.

فإن قلت: وهل وقع من المنافقين إسلام؟

قلت: وقع منهم الإسلام باللسان الذي هو غير معتبر شرعًا، ويجوز أن يقال: لم يقع منهم إسلام، ويُجْعل تصديق القلب ركنًا في الإسلام شَرْعًا لا شرطًا (١)، ولكن يَعْضُدُ الأول قوله تعالى: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (٢).

قوله: "وإنما جاز الاستثناء" جواب عن قولهم: لو غاير الإيمانُ الإسلامَ - لم يجز استثناء المسلم من المؤمن، وتوجيهه أن يقال: استثناؤه منه (٣) لا يدل على أنه هو، وإنما يدل على أنه يصدق عليه، كقول القائل: ملكت الحيوان إلا الفرس. فالحيوان غير الفرس؛ لأنه أعم، والأعم من حيث هو مغاير للأخص، ومع ذلك فقد اسْتُثني منه لصدق (٤) الحيوان. إذا عرفت هذا فالصدق حاصل في المؤمن مع المسلم؛ لأنَّ شرط صحة الإسلام


(١) أي: حينما نجعل تصديق القلب ركنًا في الإسلام اى: جزءًا منه، لا يتحقق وجود الإسلام إلا بوجود التصديق، لأن الكل لا يوجد بدون وجود الجزء، بخلاف ما لو جعلنا التصديق شرطًا في الإسلام، أي: أمرًا خارجًا عن حقيقة الإسلام، فإن الإسلام يوجد، ولكنه لا يعتبر ولا يقبل لكونه فاقدًا لشرطه.
(٢) انظر: زاد المسير ٧/ ٤٧٥، التسهيل لابن جزي ص ٦٥١، فتح القدير ٥/ ٦٧.
(٣) أي: استثناء المسلم من المؤمن.
(٤) في (ت): "بصدق".

<<  <  ج: ص:  >  >>