للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قلنا: إن الإسلام هو الدين، لقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}، وإنما قلنا: الدين فعل الواجبات؛ لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} أي: دين الملة المستقيمة. وقوله: "وذلك" عائد إلى جميع ما تقدم ذِكْرُه، فوجب أن يكون الكل مُسَمَّى بالدين.

قوله: "قلنا في الشرع" (١) إلى آخره - هذا هو الجواب عن هذا الوجه الثاني (٢)، وتقريره: أن يقال: لا نسلم أن الإيمان في الشرع هو الإسلام، وإنما الإيمان في الشرع عبارة عن: تصديقٍ خاص، وهو تصديق الرسول - صلى الله عليه وسلم - في جميع ما عُلم مجيئه به بالضرورة. وهو (٣) بهذا الاعتبار غير الإسلام، وغير الدين، فإنهما في اللغة: الانقياد. وفي الشرع: العمل الظاهر. وهذا هو التحقيق في انفصال الإسلام عن الإيمان، وإنْ كان كلٌّ منهما شَرَطَه الشارع في الاعتبار بالآخر، فإن الإسلام عبارة عن التلفظ، ولا يعتبر به ما لم يساعده القلب بالاعتقاد. والإيمان عبارة عن التصديق بالقلب، ولا يكفي ما لم يتلفظ بالشهادتين إذا أمكنه ذلك. ويدل على انفصال الإسلام عن الإيمان صريحُ قوله تعالى في حق المنافقين: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (٤) أي والله أعلم: إن الذي وقع منكم ليس


(١) في (غ): "قلنا في الشرع: تصديق".
(٢) سقطت من (ت).
(٣) أي: الإيمان.
(٤) سورة الحجرات: الآية ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>