للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: أن الإمام عدَّ المجاز بالزيادة والمجاز بالنقصان مع تغايرهما وتقابلهما نوعًا واحدًا (١)، وبه أشعرت عبارة الكتاب، وعليه جرى سائر أتباع الإمام إلا الشيخ صفي الدين الهندي فإنه عَدَّهما نوعين كسائر المحققين (٢)، وقد يعتذر عن الإمام بأنه لما كان مدار الأمر في هذين المجازين على شيء واحد: وهو أن تستفيد الكلمةُ حركةً لأجل إثبات مزيدٍ مستغنى عنه (٣)، أو حذف شيء لا بد منه (٤) - جُعِلا نوعًا واحدًا؛ لأن الكلمة نقلت عن حكمٍ كان لها إلى حكم آخر لم يكن لها في الأصل، وذلك كافٍ في وصفها بالمجاز، كما أنها توصف بالمجاز لنقلها عن معناها الأصلي إلى معنى آخر. وبيان انتقالها عما كان لها من الحكم إلى غيره أن "المِثْل" في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} اكتسى الجر بزيادة الكاف، وكان حكمه في الأصل النصب، فالجر فيه مجاز. والقرية في قوله:


= ومن جهة الدهري.
(١) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ٤٥٤.
(٢) انظر: نهاية الوصول ٢/ ٣٥٥.
(٣) مثل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فالكاف مزيدة، ولولاها لكانت حركة كلمة "مثلِه" الفتحة؛ لأنها خبر "ليس" مقدم، فاستفادت كلمة "مثله" من الكاف حركة الكسرة.
(٤) الضمير في قوله: "منه" يعود إلى "شيء" لا إلى "حذف"، والمعنى: أو حذف شيءٍ لا بد من ذكره، ومثاله قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} فإن تقدير كلمة: "أهل" قبل القرية ضروري؛ لتعذر سؤال الأبنية، فهنا استفادت كلمة "القرية" حركةً مِنْ حذف كلمة: "أهل"، وهي الفتحة، وكان أصل حركتها لو ذكرت كلمة: "أهل" الكسرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>