للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإفرادي. قال: وذلك دان قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} موضوع لسؤالها، مستعمل في سؤال أهلها فكان مجازًا (١). وليس هو مجاز في التركيب، فإن مجاز التركيب مثل قولك: أنبتَ الربيعُ البقلَ، لفظ مستعملٌ في موضوعه مقتضاه إسناد الإنبات إلى البقل (٢)، ولكنا عَلِمنا بالعقل أنه ليس كذلك، وإنما هو من الله تعالى، فقلنا: إنه مجاز عقلي. ولم نُرد بقولنا: المجاز بالزيادة والنقصان - أن اللفظة الزائدة وحدها، أو الناقصة وحدها مجاز. قال: ومن تأمَّل قول الإمام في قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} وفي قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (٣) فَهِم ذلك (٤)، ولا يقال: إنه حينئذ يصير مجازًا في التركيب؛ لأنا لا نعني بمجاز التركيب إلا إسناد الفِعْل إلى الفاعل وهو الذي يكون الإسناد فيه من جهة الموضوع اللغوي صحيحًا، وإنما جاء المجاز من جهة العقل (٥)، حتى لو فرض هذا الكلام من كافر يعتقد حقيقته لم يكن مجازًا (٦). وهذا جواب نفيس.


(١) أي: أطلق القرية وأراد أهلها، فاستعمل المحذوف بالمذكور، أي: استعمل المعنى المحذوف باللفظ المذكور؛ لدلالة القرينة عليه. والحاصل أن إرادته للمعنى المحذوف (أهل القرية) استعمالٌ، وتعبيره عنه بحذف بعضه مجاز، فَحَذَف لفظَ "الأهل" ذكرًا، واستعمله معنى.
(٢) هذا خطأ من الناسخ أو سهو من المؤلف لأن الصواب إسناد الإنبات إلى الربيع.
(٣) سورة الشورى: الآية ١١.
(٤) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ٣٩٩، ٤٠٠.
(٥) لأن العقل يحيل أن يكون الربيع هو الفاعل الحقيقي.
(٦) يعني: لو فُرض أن كافرًا دهريًا يعتقد أن الربيع هو الفاعل الحقيقي - لم يكن ذلك مجازًا عنده، فهذا علامة مجاز التركيب، صحة إرادة المعنى الحقيقي من جهة اللغة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>