للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصنف، أعني: مجاز الاستعداد؛ لأن المستعد للشيء قد لا يؤول إليه، بل هو مستعد له ولغيره، كما أن العصير قد لا يؤول إلى الخمرية وإن كان مستعدًا لها ولغيرها (١). وابن الحاجب عَبَّر عن مجاز الاستعداد بتسمية الشيء باسم ما يؤول إليه؛ بدليل أنه مثَّل بالخمر (٢)، وذلك يوهم اتحاد القسمين (٣)، وكذلك الإمام فإنه عَبَّر بتسمية إمكان الشيء باسم


(١) الصواب أن هذين القسمين - بناءً على ما مَثَّل به الشارح - قسم واحد، وما ذكره الشارح مِنْ فرق بين المثالين ليس صحيحًا، بل المعنى الذي فَرَّق به موجود فيهما، والدليل على ذلك أنه مَثَّل لمجاز ما يؤول إليه الشيء بمثال: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} وهو عينه مثَّل به لمجاز الاستعداد. فإذا قال: المستعدُّ قد يؤول وقد لا يؤول. قلنا: فكذلك الآيل قد يؤول وقد لا يؤول، فالعنب مستعد للخمرية، يعني: آيل إليها، ولكن قد يؤول وقد لا يؤول. وكذا تسمية المريض بالميت كما هو في الحديث يصح أن يكون من مجاز الاستعداد كما هو من مجاز ما يؤول إليه الشيء؛ لأن المريض قد لا يؤول مرضه إلى الموت وقد يؤول، فيكون القسمان قسمًا واحدًا. وأما على التمثيل الصحيح فهما قسمان، وما ذكره الشارح من الفرق صحيح، فمثال التسمية بما يؤول إليه الشيء: تسمية الدنيا بدار الفناء. فالدنيا لا بد وأن تفنى، فتسميتها بدار الفناء تسمية بما تؤول إليه. وكذا تسمية الحي ميتًا كما قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} تسمية للشيء باسم ما يئول إليه، فالحي لا بد وأن يموت.
وفي هذين المثالين ونحوهما يصح الفرق بينهما وبين مجاز الاستعداد، والله تعالى أعلم.
(٢) انظر: بيان المختصر ١/ ١٨٧، ١٨٨. ونص عبارته: ". . . أو آيل كالخمر".
(٣) أعْجَبُ من كلام الشارح هذا، إذ هو نفسه الآن مَثَّل للقسمين بنفس المثال، وزعم أن القسمين مختلفان، وهو تناقض ظاهر، والعذر فيه السهو الذي لا ينجو منه أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>