للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أمور متعددة.

وقد أهمل صاحب الكتاب ذكر الاستعمال؛ لأن الحقيقة والمجاز مشتركان في افتقارهما إليه (١).

والثاني: أن الحقيقة لا تُخِلُّ بالفهم، وذلك ظاهر، والمجاز يُخِلُّ بالفهم؛ فيكون مرجوحًا. والدليل على أنه يُخِلُّ بالفهم وَجهان:

أحدهما: أن اللفظ إذا تجرد عن القرينة فلا جائز أن يُحْمل على المجاز لعدم القرينة، ولا على الحقيقة وإلا لزم الترجيح بدون مرجِّح؛ إذِ الحقيقة والمجاز متساويان على هذا التقدير (٢).

والثاني: أن الحمل على المجاز يتوقف على قرينة تدل على أنه المراد، وقد تَخْفى هذه القرينة على السامع، فَيَحْمِل اللفظَ على المعنى الحقيقي مع


(١) أي: لا بد في الحقيقة من استعمال العرب لذلك المعنى، وكذا في المجاز لا بد فيه من استعمال العرب له.
انظر: أصول الفقه لأبي النور زهير ٢/ ٢٦٢.
(٢) أي: على تقدير كون المجاز لا يخل بالفهم، فهو مساوٍ للحقيقة في الدلالة. والمعنى: أننا إذا جعلنا المجاز لا يخل بالفهم وساويناه بالحقيقة في ذلك - لزم من ذلك الإخلال بفهم اللفظ المجرد عن القرينة؛ لأنه لا يمكن حمله على المعنى المجازي بسبب عدم القرينة، ولا يمكن حمله على المعنى الحقيقي لأنها ليست بأرجح من المعنى المجازي. وهذا الإخلال باطل؛ لأنه بالاتفاق أن اللفظ يحمل حال تجرده عن القرينة على معناه الحقيقي، فيلزم من هذا أن الحقيقة هي الأصل وأنها لا تخل بالفهم، والمجاز هو الفرع وأنه يخل بالفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>