للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: ما (١) الجمع بين إنكاره - صلى الله عليه وسلم - على هذا الخطيب مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ مَنْ كن فيه وَجَد بهن حلاوة الإيمان: مَنْ كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما" (٢). وقال في حديث آخر: "فإن الله ورسوله يُصَدِّقانكم ويَعْذِرانكم" (٣)، فقد جمع بينهما في ضمير واحد؟

قلت: قد أجيب بوجهين:

أحدهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر ذلك على الخطيب؛ لكونه عُدولًا عن الأَوْلى والأفضل، لا سيما وهو في مقام الخطابة المقتضي للتعليم. وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يفعل إلا الأَوْلى، فإنه في مقامِ تشريعٍ وتبيين، فَفِعْل الأَوْلى له بتبيينه الأَوْلى ليدل على الجواز (٤).


(١) في (غ): "فما".
(٢) أخرجه البخاري ١/ ١٤، في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، رقم ١٦. وانظر الأرقام ٢١، ٥٦٩٤، ٦٥٤٢. ومسلم ١/ ٦٦، في كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان، رقم ٤٣. والنسائي ٨/ ٩٤ - ٩٧، في كتاب الإيمان وشرائعه، باب طعم الإيمان، وباب حلاوة الإيمان، رقم ٤٩٨٧، ٤٩٨٨. والترمذي ٥/ ١٦، في كتاب الإيمان، باب ١٠، رقم الحديث ٢٦٢٤، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه ٢/ ١٣٣٨، في كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، رقم ٤٠٣٣. وأحمد في المسند ٣/ ١٠٣، ١٧٤، ٢٤٨، ٢٨٨.
(٣) أخرجه مسلم ٣/ ١٤٠٥ - ١٤٠٦، في كتاب الجهاد، باب فتح مكة، رقم الحديث ١٧٨٠، والبيهقي ٩/ ١١٧، في كتاب السير، باب فتح مكة حرسها الله تعالى.
(٤) أي: فَفِعْلُ الأَوْلى للرسول صلى الله عليه وآله وسلم يكون بتبيينه الأولى في حق غيره؛ ليدل بفعله وبيانه على الجواز، فقد دلَّ - صلى الله عليه وسلم - بفعله على الجواز، وببيانه على الأولى، وهو في كلتا الحالتين فاعلٌ للأولى في حقه - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ هو في مقام التشريع والبيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>