للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب.

والثاني: لا، بل تفيد تأكيد الإثبات، واختاره الآمدي (١).

واحتج الأولون بوجهين:

أحدهما: أن كلمة "إنَّ" تقتضي الإثبات، و"ما" تقتضي النفي، فعند تركيبهما يجب بقاء كلٍّ منهما على أصله؛ لأن الأصل عدم التغيير، وحينئذ يجب الجمع بينهما بقدر الإمكان، فلا بد من إثبات شيءٍ ونَفْي آخرٍ؛ لامتناع اجتماع النفي والإثبات على شيء واحد، وحينئذ إما أن نقول كلمة "إنَّ" تقتضي ثبوت غير المذكور، وكلمة "ما" تقتضي نفي المذكور وهو باطل إجماعًا، أو نقول: كلمة "إنَّ" تقتضي ثبوت المذكور، وكلمة "ما" تقتضي نفي غير المذكور، وهذا هو الحصر وهو المراد.

وقد ضُعِّف هذا الوجه بأن المعروف عند النحويين أن "ما" ليست نافية بل زائدة كافَّة مُوَطِّئة لدخول الفعل (٢).


(١) انظر: الإحكام ٣/ ٩٧.
(٢) المعنى: أن "ما" زائدة لا بمعنى النفي. كافَّة، أي: تَكُفُّ "إنَّ" عن العمل، فقولنا مثلًا: إنما زيدٌ قائم. زيد: مبتدأ، وقائم: خبر، والجملة بدون "ما": إن زيدًا قائم. فلما دخلت "ما" على "إنَّ" كفَّت عَمَلَها، يعني منعتها من العمل. مُوَطِّئةً لدخول الفعل، أي: تُهَيئ "إنَّ" للدخول على الفعل، مثل قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} وقوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}. انظر: أوضح المسالك ١/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>