للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (١) قالوا: فلو أفادت (٢) الحصر لكان من لا يحصل له الوَجَل عند ذكر الله تعالى لا يكون مؤمنًا.

وأجاب: بأن المراد بالمؤمنين: الكاملون في الإيمان، جمعًا بين الأدلة، وعلى هذا يكون قد أفادت الحصر كما هو المدَّعى.

واعلم أن الذي نقله شيخنا أبو حيان عن البصريين المذهبَ الثاني، وكان مصمِّمًا عليه ويتغالى في الرد على من يقول بإفادتها الحصر. والذي اختاره والدي أبقاه الله الأول، وله كلام مبسوط في المسألة، اشتد فيه نكيره على الشيخ (٣) أبي حيان، وقال: إنه استمر على لَجَاج، وإنَّ اللبيبَ لا يَقْدِر أنْ يدفع عن نفسه فَهْمَ أنَّ (٤) "إنما" للحصر.

ومِنْ أحسن ما وقع له في الاستدلال على أنها للحصر قولُه تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} (٥) فقال: هذه الآية مما تفيد أنَّ (٦) "إنما" للحصر، فإنها لو لم تكن للحصر لكانت بمنزلة قولك: وإن تولوا فعليك البلاغ. وهو عليه البلاغ تولوا أو لم يتولوا، وإنما الذي رتَّب على توليهم نَفْيُ غير البلاغ؛ ليكون تسلية له، ويَعْلمَ أن تَوَلِّيهم لا يضره.


(١) سورة الأنفال: الآية ٢.
(٢) سقطت من "ت".
(٣) لم ترد في (ت).
(٤) سقطت من (ت).
(٥) سورة آل عمران: الآية ٢٠.
(٦) سقطت من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>