للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (١). وجه الاحتجاج: أن الوقف على قوله: {إِلَّا اللَّهُ} واجبٌ، وحينئذ فـ {وَالرَّاسِخُونَ} مبتدأ و {يَقُولُونَ} خبر عنه. والدليل على أنه يجب الوقف على ذلك: أنه لو لم يجب لكان الراسخون معطوفًا عليه، وحينئذ يتعين أن يكون قوله تعالى: {يَقُولُونَ} جملة حالية، والمعنى: قائلين. وإذا كانت حاليةً فإما أن تكون حالًا من المعطوف (٢) والمعطوف عليه، أو من المعطوف فقط. والأول: باطل؛ لامتناع أن يقول الله تعالى: {آمَنَّا بِهِ}. والثاني: خلاف الأصل؛ لأن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلَّقات، وإذا انتفى هذا تَعَيَّن ما ادعيناه مِنْ وجوب الوقف على قوله: {إِلَّا اللَّهُ}، وإذا وجب الوقف على ذلك لَزِم أنه تكلم بما لا يَعْلم تأويله إلا هو، وهو المدَّعى.

واعلم أن هذا الدليل لا يوافق دعوى المصنف؛ لأنه يقتضي أن الخلاف


= و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}. وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال {الم}، و {حم}، و {المص}، و {ص}، فواتح افتتح الله بها القرآن، وكذا قال غيره عن مجاهد. وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال: {الم} اسم من أسماء القرآن. وهكذا قال قتادة وزيد بن أسلم، ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أنه اسم من أسماء السور، فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن، فإنه يبعد أن يكون {المص} اسمًا للقرآن كله؛ لأن المتبادر إلى فهم سامع مَنْ يقول: قرأت {المص} إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف لا لمجموع القرآن، والله أعلم".
(١) سورة آل عمران: الآية ٧.
(٢) وهم الراسخون في العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>